إلى ماذا يحتاج التغيير؟ قرار شجاع وإرادة. لا يقوم بذلك إلا صنّاع التاريخ، أو من يكتبونه. هذا ما قام به العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وسنده ولي العهد صاحب "الرؤية" الأمير محمد بن سلمان. السعودية اليوم مختلفة، وحتى تصبح مختلفة أكثر يجب أن تكون بمستوى التطور الذي تشهده وتشهده الدول والمجتمعات الأخرى. السؤال الذي كان الأكثر تداولاً في الصحافة الغربية ولدى منظمات حقوق الإنسان : متى تقود المرأة السعودية السيارة ؟ هذا السؤال أجيب عليه الآن، وهذا لا يعني أن هذه المنظمات سوف لن تشرع في البحث عن أسئلة أخرى، تسلط الضوء على جانب وتغفل 1000 جانب. وهذه عادة المنظمات الباحثة عن "مانشيت".
النفط والمرأة، في الأول الحديث عن انهيار الدولة بعد كل انخفاض، وعن المرأة تساؤلات عالمية عن حقوقها ومتى تقود ومتى تستطيع التخلي عن إذن ولي أمرها في البحث عن فرصة وظيفية خارج الحدود أو حتى مواصلة التعليم في أرقى الجامعات. في الأول، قررت الدولة وضع برنامج طموح، هندسه الأمير الطموح محمد بن سلمان، وعام 2030 الموعد الفصل. وفي الثاني، قررت الدولة الاستجابة للتطور الطبيعي للمجتمعات، والاندماج في تفاصيل العولمة، في عالم تنافسي طبيعي، تكون الجدارة للأكفأ لا للذكر دون الأنثى. في الشق الأول، النفطي، لا يمكن تنويع الاقتصاد، وتخفيض معدلات البطالة دون مشاركة المرأة. هكذا تقول الرؤية في خطتها لرفع نسبة المشاركة للسيدات من 22% إلى 30% خلال 13 عاماً من الآن. بطالة مقنعة، وطموحات يحدها الخوف من التجديد. جاء التجديد مدعماً بالإرادة، وجاء وقت أن توضع الأعذار في الأدراج، أو تذهب أدراج الرياح، بعد أن كان الخوف من التغيير عنواناً للمرحلة.
هل سيتوقف العالم عن الحديث عن حقوق المرأة وعن السعودية وحقوق الإنسان؟ بالتأكيد لا لن يحدث، وليس هذا المهم، المهم أن تشعر المرأة داخل حدود وطنها أن لها نفس الحقوق وعليها كما على الرجل من واجبات. من يرأس سوق المال السعودي امرأة، وسعودية أيضاً تساهم في صناعة الصواريخ والمركبات في وكالة ناسا للفضاء، ونائب رئيس أحد أكبر البنوك السعودية امرأة. وهذه الأمثلة ليست إثباتاً أنها جديرة وكفوءة، بل سرد اعتباطي لما نعرف، وما لا نعرفه عن إنجازاتهن الكثير.
1.5 مليون سائق وافد، لا صلة قرابة ولا معرفة، يقلون النساء صباح مساء. يذهب نصف مرتب المرأة للسيارة، اقتراضاً وأجرة للسائق. اليوم مالها لها، وسيارتها لها، وهي من تقرر مصيرها. السماح لهن بالقيادة ليس إلزامياً، بل اختياري تحدده هي فقط.
قبل 27 عاماً، بادرت 47 امرأة لقيادة سياراتهن في العاصمة الرياض. كان الوضع مختلفاً، ومحتقناً. للتو خرجت السعودية من عاصفة الصحراء، وحرب تحرير الكويت. كانت الصحوة الدينية وتطرف التحريض في أوج قمته، فكان مصير تلك البادرة الوأد. اليوم بعثت من جديد، وأصبح الحلم واقعاً لنصف المجتمع. خفت صوت التطرف، وعلا صوت العقل.
بعث لي أحد المبتعثين السعوديين للدراسة في الخارج يقول : في عام واحد حصلت على 5 مخالفات مرورية، وزوجتي تقود السيارة في الولايات المتحدة الأميركية منذ عامين بلا مخالفة. قصة لها ألف شبيه، ومبروك مجدداً للمرأة السعودية.