يواجه تنفيذ مشاريع كبيرة مثل مترو الرياض جملة من التحديات لعل من أهمها ما يرتبط بالنواحي المالية واختيار الجهة التنفيذية ومدى التزامها بالمدة الزمنية لتنفيذ المشروع. ايضا خلال مرحله التنفيذ هناك تحديات من جانب الاختناقات المرورية التي تواكب عملية البناء وأمور اخرى مرتبطة بالبنية التحتية وبالتنسيق مع الجهات الحكومية المتعددة. ومع مرور الوقت يصبح الهدف الأهم الذي يسعي له المسؤولين والجهات المنفذة هو اكتمال المشروع وانطلاقة بدون مشاكل فنية كبيرة خصوصاً في ظل توفر الدعم المالي الكبير. لكن السؤال المهم الآن ونحن في بداية مرحلة البناء هو: من سيستخدم مترو الرياض؟ وبشكل أدق ما هي الشريحة (او الشرائح) الاجتماعية التي يخدمها المترو؟ من الصعب هنا القول ان المترو يستهدف خدمة جميع سكان الرياض، حتى من الناحية الدعائية لا تقبل هذه الاجابة.
وبالنظر للتحالفات (الكونسورتيوم) يلاحظ التميز الفني والهندسي للشركات التي تعمل في المشروع، لكننا باكتمال المترو سنتعامل مع "خدمة" جديدة يجب تسويقها. سكان الرياض من مواطنين ومقيمين وزوار لديهم خيارات بديلة منافسة لهذة الخدمة. بالتالي مجرد وجود مترو ذي جودة عالية وتصميم جميل لا يعني بالضرورة انه سيكون هناك تغيير سريع في سلوك المستهلك وتقبل لهذه الخدمة الجديدة. لذا فإن مشروعا بهذه الضخامة والميزانية يجب ان يكون على اقل تقدير خيارا جيدا في نظر المواطن السعودي وخصوصاً فئة الشباب. ولبلوغ هذا الهدف لا بد من اعطاء الجانب التسويقي أهمية مكملة للجوانب المالية والهندسية. ولا يمكن المغامرة بالانتظار الى حين اكتمال المشروع لكي يلتفت لهذا الجانب لأنه من الممكن ان تؤثر الخطط التسويقية على عملية البناء. فوجود نسبة كبيرة من المقيمين من فئه العمال يشكل تحديا تسويقيا من ناحية احتمالية خلق انطباع خاطئ لدى المواطن بأن المترو للعمال الأجانب كما هو الحال في بعض وسائل النقل العامة الأخرى. وبنفس الوقت لا يمكن حرمان أية فئة من استخدام المترو، لكن يمكن التعامل مع هذا التحدي عبر التأثير في الانطباع الأول. فمن شأن الفئة الاولى المستخدمة للمترو ان تساهم في خلق الانطباع الاول عن المشروع. لذلك قد يكون من الناحية التسويقية على سبيل المثال ان يبدأ تشغيل المسار الاحمر (طريق الملك عبدالله) قبل المسارات الاخرى، كونه يخدم جامعة الملك سعود والمنطقة الممتدة على طريق الملك عبدالله.
هناك ايضاً خطوات تسويقية متبعة حول العالم تساعد في خلق قيمة اجتماعية لاستخدام المترو، مثل استخدام شخصيات ذات ثقل اجتماعي لهذه الوسيلة ليس على سبيل الدعاية المؤقتة (الفلاشات)، بل استخدام شبه يومي خلال الشهور الاولى لدخول المترو للخدمة. ايضاً هناك الأندية الرياضية بما تمتلك من نجوم يمكنهم المساهمة في خلق انطباع جيد لمستخدمي المترو من الشباب. كما يمكن للجامعات والكليات بمختلف تخصصاتها اعطاء تذاكر للطلاب لتشجيعهم على استخدام المترو.
أهمية تسويق مترو الرياض كبيرة جداً ومفصلية كونه الاول من نوعة في المملكة والانطباع الذي سيخلقة سيلقي بظلاله على المشاريع المستقبلية في مناطق المملكة الاخرى وعلى توسعة المشروع نفسه. وبشكل مختصر سيصعب تبرير المليارات التي ستصرف في هذا المشروع او غيره اذا عزف قطاع كبير من المواطنين عن استخدامة.
8:37 دقيقه
TT
تسويق مترو الرياض
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة