لدى كثيرين منا ذكريات طفولة دافئة عن كوب من مشروب الكاكاو الدافئ قبل النوم، ومعها ترسّخت فكرة أن بعض الأطعمة والمشروبات قد تساعد على النوم العميق، والاسترخاء.
لكن وفقاً لخبيرة النوم الدكتورة صوفي بوستوك، فإن الواقع أكثر تعقيداً مما نتصور.
وقالت بوستوك في تقرير لصحيفة «تلغراف»: «بدلاً من التركيز على صنف واحد من الطعام، تشير الأدلة إلى أهمية الحفاظ على نظام غذائي متوازن يدعم صحة الميكروبيوم المعوي، وهو ما ينعكس بدوره على جودة النوم».
ويركز خبراء النوم عادة على النظام الغذائي المتوسطي، الغني بمصادر التريبتوفان، وهو حمض أميني أساسي تُصنّع منه مادة الميلاتونين المعروفة بهرمون النوم.
وأوضحت أخصائية التغذية المعتمدة كلاريسا لينهير أن «الأبحاث تشير إلى أن تناول أطعمة غنية بالتريبتوفان والميلاتونين قد يُحسّن جودة النوم، رغم أن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات السريرية لإثبات العلاقة السببية».
وبينما لا توجد ضمانات أن طعاماً بعينه سيُدخلنا في نوم عميق، يُشجع الخبراء على التجربة الشخصية لمعرفة ما يُناسب كل فرد. وقالت لينهير: «لن يكون الأمر ببساطة أن تأكل حبتين من الكيوي فتنام 9 ساعات متواصلة، لكنه بالتأكيد لن يضرك، وقد يساعدك».
وفيما يلي أبرز الأطعمة والمشروبات التي قد تُساعدك على الاسترخاء والنوم بشكل أفضل:
1. عصير الكرز الحامض
أظهرت دراسات أن شرب عصير الكرز الحامض، الغني بالتريبتوفان والميلاتونين، قد يُقلل من أعراض الأرق. وقالت لينهير: «عندما يُذكر الطعام المرتبط بالنوم، فإن عصير الكرز الحامض هو الأكثر شهرة».
ورغم احتوائه على الميلاتونين، توضح لينهير أن الكمية الموجودة في العصير أقل بكثير مما هو موجود في المكملات الغذائية.
وتحذّر من أن شرب كوب كبير قد يرفع مستوى السكر في الدم قبل النوم، ما قد يسبب تقطّع النوم. يُوصى بكوب صغير (نحو 150 مل) مساءً.
أما الدكتورة بوستوك، فتعتقد أن العناصر المفيدة في عصير الكرز ليست بالضرورة الميلاتونين، بل قد تكون مركبات أخرى لم تُحدد بعد.
2. الكيوي
أظهرت دراسات صغيرة أن تناول حبتين من الكيوي قبل النوم بساعة، يومياً لمدة 4 أسابيع، حسّن جودة النوم، وقلّل الاضطرابات لدى أشخاص يعانون من مشكلات في النوم.
وعلقت بوستوك أن «النتائج واعدة، رغم أننا بحاجة إلى تجارب سريرية أوسع».
والكيوي غني بالفولات، التريبتوفان، الميلاتونين، والألياف. وقالت لينهير: «بالنسبة لي، الكيوي يتصدر القائمة: مفيد للهضم، منخفض السكر مقارنة بالعصائر، وسهل التوفر، وسعره معقول».
3. الجبن
أوضحت لينهير أن «منتجات الألبان، مثل الجبن، تحتوي على التريبتوفان الذي يتحول إلى السيروتونين، ثم إلى الميلاتونين لاحقاً».
ورغم أن قطعة من الجبن لن تجعلك تغفو فوراً، فإنها قد تدعم الجسم في إنتاج هرمونات النوم. وتنصح بتناولها مع كربوهيدرات معقدة، مثل خبز الحبوب الكاملة، أو الشوفان، ما يُحسن امتصاص التريبتوفان ووصوله إلى الدماغ.
4. الشوكولاته الداكنة
قطعة صغيرة من الشوكولاته الداكنة قبل النوم أصبحت «خدعة» شهيرة على وسائل التواصل، لأنها غنية بالمغنيسيوم الذي يساعد في تقليل هرمون التوتر الكورتيزول.
ولفتت بوستوك إلى أن «من يعانون من نقص في الفيتامينات والمعادن، مثل المغنيسيوم، غالباً ما يكون نومهم أسوأ، لكن لا يعني بالضرورة أن النقص هو السبب المباشر».
ورغم أن مكملات المغنيسيوم قد تُحسّن النوم لدى البعض، فإن مفعولها ليس فورياً، بل قد يستغرق من 7 إلى 14 يوماً.
وحذرت لينهير من أن الشوكولاته تحتوي أيضاً على الكافيين، ما قد يؤثر سلباً على الأشخاص الحساسين له. لذا، يعتمد الأمر على مدى تحمّلك الشخصي للكافيين.
5. شرائح الديك الرومي
ويشتهر الديك الرومي بكونه غني بالتريبتوفان، ما يجعله وجبة خفيفة مفضّلة قبل النوم.
ونبهت لينهير إلى أن «الكمية مهمة: بضع شرائح صغيرة قبل النوم قد تساعد، بينما تناول وجبة كبيرة قد يُبطئ الهضم، ويُسبب اضطرابات في النوم، مثل الثقل، أو الارتجاع».
ونصحت بتناولها مع خبز، أو باعتبار أنها راكرز من الحبوب الكاملة لتعزيز فعالية التريبتوفان.
6. الشوكولاته الساخنة
تُعد المشروبات الدافئة مثل الشوكولاته الساخنة من الطقوس الشائعة قبل النوم. لكن أشارت لينهير إلى أن بعضها يحتوي على نسبة عالية من السكر.
كما أوضحت بوستوك أن تأثير هذه المشروبات قد يكون نفسياً أكثر منه بيولوجياً، وقالت: «عندما يرتبط مشروب معين بعادة ما قبل النوم منذ الطفولة، فإن مجرد شربه يُرسل إشارة مريحة إلى الدماغ بأن وقت الراحة قد حان».
وختمت بوستوك بنصيحة مهمة: «عقولنا تحب الروتين. كلما وفّرنا إحساساً بالاستقرار والتكرار قبل النوم، شعرنا بالأمان، وهو مفتاح الدخول في نوم عميق ومريح».


