العلاجات الوهمية تقلّل الاكتئاب والتوتر

تأثيرها يعتمد على قوة الإيحاء والاعتقاد بأنها قد تُحسّن الحال

العلاجات الوهمية حبوب لا تحتوي على مكوّنات فعّالة علاجياً (جامعة أكسفورد)
العلاجات الوهمية حبوب لا تحتوي على مكوّنات فعّالة علاجياً (جامعة أكسفورد)
TT

العلاجات الوهمية تقلّل الاكتئاب والتوتر

العلاجات الوهمية حبوب لا تحتوي على مكوّنات فعّالة علاجياً (جامعة أكسفورد)
العلاجات الوهمية حبوب لا تحتوي على مكوّنات فعّالة علاجياً (جامعة أكسفورد)

كشف باحثون في علم النفس من جامعة ولاية ميشيغان الأميركية عن نتائج واعدة، تتعلّق بالتأثير الذي تُحدثه العلاجات الوهمية غير المخادعة، أي التي تُعطَى للمرضى مع علمهم بأنها غير حقيقية.

وأوضحوا أنّ هذه العلاجات يمكن أن تقلّل بشكل فعّال من التوتر والقلق والاكتئاب، حتى عند وصفها للأشخاص عن بُعد، وفق النتائج التي نُشرت، الجمعة، في دورية «علم النفس التطبيقي والصحّة والرفاهية».

والعلاجات الوهمية هي مواد أو حبوب تُعطَى للمرضى من دون أن تحتوي على أي مكوّنات فعّالة علاجياً، ولكن تُستخدم لأغراض تجريبية، أو بوصفها جزءاً من علاج نفسي.

ويُعتقد أنّ تأثيرها يعتمد على قوة الإيحاء، والاعتقاد لدى الشخص بأنها يمكن أن تُحسّن حالته، وهو ما يُعرف بتأثير «البلاسيبو»، أو «الدواء الوهمي».

وفي بعض الحالات، حتى مع علم المرضى بأنّ هذه العلاجات غير حقيقية، يمكن أن تسهم في تخفيف أعراض مثل التوتّر والقلق والاكتئاب، وفق الدراسة.

وفي إطار التجربة، حدَّد الباحثون مجموعة من الأشخاص الذين يعانون توتراً طويل الأمد ناتجاً عن جائحة «كوفيد - 19»، للمشاركة في تجربة استمرّت أسبوعين.

وقُسم المشاركون مجموعتين؛ تلقّى نصفهم علاجات وهمية غير مخادعة، بينما لم يتلقَّ النصف الآخر أي علاج. ونُفِّذت التجربة عن بُعد عبر 4 جلسات افتراضية باستخدام برنامج «زووم».

وتلقّى أفراد المجموعة الأولى معلومات عن تأثير العلاج الوهمي، بالإضافة إلى أقراص وهمية أُرسلت لهم عبر البريد، مع تعليمات حول كيفية استخدامها.

وأظهرت النتائج أنّ أفراد المجموعة الذين تلقّوا العلاجات الوهمية غير المخادعة شهدوا انخفاضاً ملحوظاً في مستويات التوتّر والقلق والاكتئاب خلال أسبوعين فقط، مقارنةً بالمجموعة الأخرى التي لم تتلقَّ أي علاج.

وأفاد المشاركون بأنّ استخدام العلاجات الوهمية كان سهلاً وغير مرهق، ومناسباً للوضع الذي مرّوا به. أما الباحثون فقالوا إنّ التعرّض طويل الأمد للتوتّر يمكن أن يُضعِف قدرة الشخص على إدارة مشاعره، ويُسبِّب مشكلات صحّية نفسية كبيرة على المدى الطويل، لذلك فهم متحمّسون لرؤية أنّ تدخلاً يتطلب جهداً بسيطاً يمكن أن يؤدّي إلى فوائد كبيرة.

وأضافوا أنّ إمكانية تقديم العلاجات الوهمية غير المخادعة عن بُعد تزيد بشكل كبير من فرص التوسع في تطبيقها، حيث يمكن أن تساعد الأفراد الذين يعانون مشكلات الصحّة النفسية، ولكنهم لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الصحّية التقليدية.


مقالات ذات صلة

هل الصدف الحسنة أو السيئة حقيقة أم أن حالتك المزاجية تلعب دوراً؟

صحتك يحاول الناس تنميط الأحداث السيئة أو سوء الحظ كنوع من أنواع تهدئة النفس (أ.ب)

هل الصدف الحسنة أو السيئة حقيقة أم أن حالتك المزاجية تلعب دوراً؟

عندما يحدث ما لا ترضاه، قد تتساءل عما إذا كان هناك معنى أكبر خلف ما حدث، حتى لو لم تكن تعرف ما هو هذا المعنى.

«الشرق الأوسط»
صحتك المنصّة تميّز أنواع الأنسجة بألوان مختلفة (جامعة كولونيا)

منصّة ذكية لتشخيص سرطان الرئة بسرعة ودقّة

طوّر باحثون في كلية الطب بجامعة كولونيا الألمانية منصّة رقمية متقدّمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتشخيص سرطان الرئة بسرعة ودقّة فائقتين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك تتوافر حالياً لقاحات معتمدة ضدّ «جدري القردة» (رويترز)

كيف نحمي الأطفال من «جدري القردة»؟

مع تزايد حالات «جدري القردة» من النمط الجيني الأول في وسط أفريقيا وشرقها، تبرز الحاجة الملحَّة لإجراء دراسات مماثلة...

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق يتميّز الجل الجديد بأنه آمن وغير سام (جامعة ستانفورد)

جِل يحمي المباني من حرائق الغابات المتاخمة

طوّر باحثون في جامعة «ستانفورد» الأميركية جلاً مائياً جديداً يمكنه أن يُحدث ثورة في مجال حماية المباني خلال حرائق الغابات المتاخمة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك يرقات من بعوضة «الزاعجة المصرية» التي تنقل مرض حمى الضنك في مختبر بمركز ألونسو سوازو الصحي في تيغوسيغالبا بالهندوراس في 16 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

البعوض يستخدم الأشعة تحت الحمراء للوصول إلى هدفه البشري

تستخدم بعوضة الزاعجة المصرية الأشعة تحت الحمراء وسيلةً لرصد هدفها البشري والوصول إليه، بحسب دراسة نشرت في مجلة «نيتشر».

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيف نحمي الأطفال من «جدري القردة»؟

تتوافر حالياً لقاحات معتمدة ضدّ «جدري القردة» (رويترز)
تتوافر حالياً لقاحات معتمدة ضدّ «جدري القردة» (رويترز)
TT

كيف نحمي الأطفال من «جدري القردة»؟

تتوافر حالياً لقاحات معتمدة ضدّ «جدري القردة» (رويترز)
تتوافر حالياً لقاحات معتمدة ضدّ «جدري القردة» (رويترز)

وجدت دراسة دولية أنّ التطعيم ضد الجدري في الطفولة قد يوفر حماية ضد الإصابات الناجمة عن فيروس «جدري القردة» لدى الرجال، المنتشر حالياً في دول بوسط أفريقيا، في مقدمتها الكونغو.

وأجريت الدراسة بالتعاون بين المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، ومنظمة الصحة العالمية، ومعاهد الصحة العامة الوطنية في 4 دول أوروبية، ونُشرت الخميس، في دورية «Eurosurveillance».

وتجدَّد الحديث عن تطعيم مرض الجدري، وهو مرض فيروسي شديد العدوى وفتّاك، في أعقاب الانتشار الأخير لـ«جدري القردة» في وسط أفريقيا.

وينتمي مرض الجدري و«جدري القردة» إلى عائلة «الفيروسات الجدرية» عينها، لذا يوفّر لقاح الجدري حماية مناعية ضدّ جدري القردة بفضل التشابه الجيني بينهما، مما يمنح الذين تلقوه في الصغر مناعة جزئية ضدّ «جدري القردة».

ومع تفشّي «جدري القردة» في أوروبا بين عامي 2022 و2023، الذي أثَّر بشكل رئيسي في الرجال الذين يقيمون علاقة بالرجال، سعت دراسة إلى تحديد فاعلية الحصول على التطعيم ضدّ الجدري بسنّ الطفولة في الوقاية من «جدري القردة» المؤكَّد مخبرياً.

وركزت على حالات «جدري القردة» بين الأشخاص الذين ولدوا خلال ذروة حملات التطعيم الوطنية ضدّ الجدري، التي استمرت حتى عام 1971.

وكانت هذه الحملات جزءاً من الجهود العالمية التي بدأت في منتصف القرن الـ20 للقضاء على الجدري، وتوقّفت بعد إعلان منظّمة الصحة العالمية القضاء عليه عام 1980، وهدفت إلى ضمان مناعة جماعية، خصوصاً بين الأطفال.

وأظهرت الدراسة الجديدة أنّ فاعلية لقاح الجدري ضدّ «جدري القردة» الناتج عن النمط الجيني الثاني من الفيروس تفاوتت بشكل كبير بين الدول، إذ بلغت 42 في المائة في هولندا، و84 في المائة في إسبانيا. أما التقدير المشترك لفاعلية اللقاح، فكان 70 في المائة، مع نطاق ثقة واسع يتراوح بين 23 و89 في المائة، مما يعكس عدم اليقين.

ونطاق الثقة هو مقياس إحصائي يحدّد مدى دقة تقدير معيّن، ويعكس درجة التأكد من صحة هذا التقدير.

وتشير النتائج إلى أنّ التطعيم ضدّ الجدري بسنّ الطفولة في أوروبا قد يوفر حماية لثلثي الرجال ضدّ «جدري القردة». ومع ذلك، فإنّ الفروق الكبيرة بين الدول وعدم اليقين في النتائج تجعل هذه البيانات غير كافية لدعم تطعيم الأشخاص استناداً فقط إلى حالة التطعيم السابقة ضدّ الجدري.

ويوصي الباحثون بتقديم اللقاح المُعتمد ضدّ «جدري القردة» للأفراد الذين يتعرّضون لخطر كبير للإصابة، بصرف النظر عن تاريخهم التطعيمي مع لقاح الجدري.

ومع تزايد حالات «جدري القردة» من النمط الجيني الأول في وسط أفريقيا وشرقها، تبرز الحاجة الملحَّة لإجراء دراسات مماثلة حول فاعلية لقاح الجدري ضدّ الأنماط الجينية الأكثر انتشاراً حالياً.