د. سعاد كريم
باحثة لبنانية
TT
20

سباق إلى العالمية

استمع إلى المقالة

يُسخَّر العلم للمعرفة وتكون نتائجه إما إيجابية أو سلبية كالقنبلة الذرية، أو إيجابية وسلبية معاً كالتكنولوجيا التي غيّرت العالم، بالتالي غيّرت مفهوم المستقبل وسُبُل عيش الإنسان فيه، بحيث أصبحت التكنولوجيا العالم الجديد الذي يغطّي فيه الساتلايت والإنترنت آفاق الكون من أقصاه إلى أقصاه. ويأخذ السباق طريقه نحو عالم التطور والتقدم في الإنتاج، وتأخذ شركات الإنتاج طريقها نحو المنافسة بغياً للربح.

بخطىً سريعة ومنافسة شديدة تخطو الشركتان العملاقتان الرائدتان «تيسلا» ورئيسها التنفيذي وأكبر ثري في العالم إيلون ماسك، و«تويوتا موترز» ورئيس مجلس إدارتها أكيو تويدا، نحو النمو والتطور لزيادة الإنتاج ومضاعفة الأرباح. إذ تشهد صناعة السيارات الكهربائية منافسةً جديدةً بين شركتي «تسلا» أميركية الصنع (التي تعمل سياراتها الكهربائية بالكامل ببطارية قابلة للشحن ومحرّك كهربائي) و«تويوتا» اليابانية والصينية الصنع (التي تعمل سياراتها الكهربائية الهجينة بخلايا الوقود الهيدروجينية) في ظل سعي كبريات الشركات العالمية للسيطرة على السوق. وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى أن القيمة السوقية لـ«تسيلا» تفوّقت على منافستها «تويوتا» في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021 بنحو 939 مليار دولار أميركي بعد تلقّيها طلبيّة ضخمة من شركة تأجير السيارات الأميركية «هيرتز غلوبال هولدينغز»، ما أدّى إلى ارتفاع قيمة «تسلا» السوقية لأكثر من تريليون دولار للمرة الأولى على الإطلاق.

ومع تصاعد المنافسة بسوق السيارات الكهربائية، خفّضت شركة «تسلا» الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية أسعار سياراتها من طراز «3» وطراز «واي» في الصين، وفقاً لما ذكره موقعها على الإنترنت، وذلك بعد خفض أسعار السيارة من طراز «واي» و«إكس» و«إسن» في الولايات المتحدة، وأظهر الموقع أن السعر المبدئي للطراز «3» المتجدد قد انخفض من نحو 246 ألف يوان (54 ألفاً و43 دولاراً) إلى 232 ألف يوان (50 ألفاً و966 دولاراً).

لهذا تعتزم «تسلا» تسريح أكثر من 10 في المائة من عمالها حول العالم، في وقت تتراجع فيه مبيعاتها في ظل حرب أسعار بين شركات صناعة السيارات الكهربائية، كما ذكرت وكالة «رويترز» مؤخراً، وقال مصدر مطلّع للوكالة إنه بالفعل تمّ إبلاغ بعض العاملين الموظفين في أميركا، تحديداً في كاليفورنيا وتكساس، بنيّة تسريحهم.

وأوضح ماسك، في مذكرة نقلتها وكالات الأنباء، أنه بينما تعدّ الشركة للمرحلة التالية من النمو، من المهم أن تنظر إلى كل جوانبها لخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية. وأيضاً، يُشار إلى أن شركة «بريتش بيتروليوم» خفّضت كذلك ما يزيد على عُشر القوى العاملة في أعمال شحن السيارات الكهربائية بسبب تباطؤ النمو في زيادة أعداد السيارات الكهربائية، مما يسلّط الضوء على التأثير الأوسع لتباطؤ الطلب على المركبات الكهربائية. وأعلنت «تسلا» أن التسليم لسياراتها الكهربائية قد انخفض للمرة الأولى منذ ما يقارب أربع سنوات بعد أن قامت بتخفيض الأسعار لتحفيز الطلب. وبلغ هامش ربح «تسلا» 17.6 في المائة في الربع الأخير من عام 2023، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من أربع سنوات.

وتواجه الشركة منافسةً شديدةً في الصين من الشركات المحلية، بما في ذلك شركة «بي واي دي» الصينية العملاقة للسيارات الكهربائية التي تفوقت في مدة وجيزة على الشركة الأميركية «تسلا»، بصفتها أكبر صانع للسيارات الكهربائية في الربع الثالث من السنة الماضية، حيث كشفت «بي واي دي» عن إيرادات تشغيلية بلغت 201.1 مليار يوان (28.2 مليار دولار)، وفقاً لبيان نشرته في بورصة هونغ كونغ، بزيادة 24 في المائة عن الفترة نفسها في عام 2023 وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وبذلك تجاوز رقم الإيرادات الفصلية للشركة للمرة الأولى رقم شركة «تسلا» التي سجّلت 52.2 مليار دولار في كشفها لإيرادات الربع الثالث.

بينما أعلنت شركة أيلون ماسك عن تسجيل ربح في الربع الثالث بلغ 2.2 مليار دولار، بزيادة 17 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2023.

ذكر ماسك (مؤسس شركة الصواريخ «سبيس أكس» في عام 2002 وهو شريك رئيسي لوكالة «ناسا» في الرحلات الفضائية المأهولة وغير المأهولة، ومستشار الرئيس ترمب حالياً) للمحللين عن أرباح الربع الرابع من العام الماضي، أن «تسلا» ستواصل في عام 2025 وضع «الأساس» لعام 2026 وعام 2027 و2028. ويعتمد ذلك على الذكاء الاصطناعي والمركبات الذاتية القيادة بالكامل وفتح الروبوت البشري (Optimus).

في سباقٍ عالميٍّ للتفوّق الواحدة على الأخرى فلمن ستكون الغلبة؟

تأخذنا التكنولوجيا إلى عالم آخر بالرغم من كل هذا العلم والمقدرة والذكاء التي يتمتع بها الإنسان. تُرى هل أصبح الإنسان كالآلة، ينجرف في عالم تقوده فيه التكنولوجيا بملء إرادته (كالسيارة الكهربائية ذاتية القيادة) إلى عالم يسلّم به وبكل ما يُخطّط له؟