فجّر سائق الراليات السعودي يزيد الراجحي مفاجأة من العيار الثقيل حين نجح في الفوز بلقب بطل «رالي داكار» الشهير، متقدماً على أهم سائقي الصف الأول من أصحاب الخبرة الطويلة والإنجازات اللافتة في عالم الراليات، ومانحاً بلاده إنجازاً في رياضة كانت لا تحظى باعتراف رسمي أو ترحيب شعبي، بسبب خطورتها وعدم وجود تنظيم لممارستها.
ومع انتهاء مراحل «رالي داكار» بات الراجحي أشهر سائق راليات في العالم، بعدما حقق إنجازاً توّج مسيرته التي عرفت بداياتها مصاعب لم يكن من السهل تجاوزها، وسط بيئة غير مهيأة لسباقات السيارات، وممارسة هذه اللعبة المكلفة مالياً، فضلاً عن مشاركات دولية بخبرة محدودة، وإمكانات متواضعة، تسببت في عدم قدرته على استكمال كثير من السباقات نتيجة الأعطال، أو صعوبة مسار الرالي، ما جعله يتعرّض لانتقادات بلغت حد التهكم والتشكيك في قدرته على المنافسة في عالم المحركات. وعلى الرغم من صعوبة المهمة فإن السائق السعودي أظهر تطوراً مستمراً، قاده إلى احتلال مراكز متقدمة في «رالي داكار» خلال السنوات الأخيرة، قبل أن ينجح أخيراً في تحقيق حلمه بكتابة اسمه ضمن قائمة الأبطال، بانتزاع المركز الأول.
ما فعله الراجحي في أشهر الراليات على الإطلاق من شأنه أن يفتح الباب لأجيال من الرياضيين العرب لدخول سباقات السيارات، وتحقيق إنجازات توازي ما حققه السائق السعودي ونظيره القطري ناصر العطية، الفائز بأكثر من نسخة، خصوصاً أن ممارسة رياضة المحركات لا تحظى بانتشار كبير في منطقة الشرق الأوسط عموماً، بسبب ارتفاع التكلفة المالية للتجهيزات، وعدم اهتمام الشركات الصانعة والراعية بالدخول إلى الدول العربية والمساهمة في نشر اللعبة.
ولن يذكر إنجاز الراجحي دون أن يلفت الأنظار نحو الاتحاد السعودي للسيارات، الذي انتقل من مرحلة تنظيم النشاط المحلي، والإشراف على استضافة أقوى البطولات العالمية، إلى توطين رياضة المحركات، وزيادة شعبيتها في السعودية، من خلال توفير بيئة مناسبة للشبان من أجل التدريب والممارسة، فضلاً عن تسهيل مهمة المستثمرين لبناء حلبات بمواصفات عالمية، وإنشاء أكاديميات متخصصة، ما زاد من الإقبال على المشاركة في سباقات «الدراج ريس»، و«الدرفت»، و«الأوتوكروس»، و«الكارتينغ»، و«الاستعراض الحر»، مقابل تراجع المخالفات المرورية والحوادث الناتجة عن ممارسة هذه الأنشطة في الشوارع، ومن ثم تقليل عدد الوفيات والإصابات المسجلة بسبب حوادث السيارات والدراجات النارية.
لم يكن يزيد الراجحي أول الممارسين لرياضة المحركات في بلاده، إذ عرفت السعودية قبل الاعتراف بهذه اللعبة ظهور أكثر من نجم ذاع صيته خارج الحدود، من أمثال ممدوح خياط وعبد الله باخشب، ولعل من أهم عوامل نجاح سباقات السيارات أن وزير الرياضة الأمير عبد العزيز الفيصل ورئيس الاتحاد المحلي الأمير خالد بن سلطان الفيصل كانا من نجوم تلك المرحلة، ما جعلهما الأقرب والأنسب لمعرفة احتياجات اللعبة، وطريقة إدارة شؤونها، بما يضمن توفير متطلبات ممارستها وعوامل انتشارها، قبل أن يُسهم قرار تعيينهما في جعل رياضة المحركات تحظى بشعبية جارفة في بلاد لم تكن تملك اتحاداً للسيارات قبل 18 عاماً.