عبد العزيز الغيامة
صحافي سعودي منذ 1998 وحاصل على وسام الإعلام الرياضي العربي من الاتحاد العربي للصحافة الرياضية عام 2022 ورئيس لقسم الرياضة في صحيفة «الشرق الأوسط»
TT

هوس التغيير!

استمع إلى المقالة

تعوّدت أندية الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم أن تكون حاضرة في سوق الانتقالات شتاءً وصيفاً، وسط مطالب الإعلام والجماهير للأندية بالتسوّق في كل نافذة انتقالات.

لا شك أن موسمي الانتقالات وُضعا من قِبل «فيفا» لإصلاح صفوف الفرق وتقويتها ومعالجة حالات الضعف التي تعاني منها، وهو أمر حتمي لبعض الأندية التي تظهر حاجتها المُلحة إلى عقد الصفقات مع اللاعبين المميزين.

نعرف جميعاً أن الميركاتو الشتوي عادة ما يكون هادئاً على صعيد العالم، باستثناء بعض الصفقات التي يتعيّن على مسؤولي الأندية عقدها لظروف طارئة قد تشهدها؛ إما بسبب إصابات طويلة، وإما بسبب الانتقال المفاجئ للاعب، وإما بسبب مشكلات متزايدة بين الأطراف.

في فبراير (شباط) 2024، أنهت أندية الدوري الإنجليزي لكرة القدم نافذة الانتقالات الشتوية بإنفاق لم يتجاوز 127 مليون دولار، وعدّتها الصحافة البريطانية والشركات المالية المتخصصة، حينها، من أهدأ فترات الانتقالات بالمسابقة في عصرها الحديث.

وحسب تحقيق نشرته «الشرق الأوسط» في ذلك الشهر فإنه وفقاً لتقديرات شركة «ديلويت» العالمية الرائدة في مجال التدقيق والمراجعة والاستشارات الإدارية والمالية، فإن تلك المبالغ تقلّ كثيراً عن النفقات التي تكبّدتها أندية الدوري الإنجليزي الممتاز في يناير (كانون الثاني) من عام 2023، التي بلغت 815 مليون جنيه إسترليني.

وحسب متوسط إنفاق أندية «البريميرليغ» في فترة الانتقالات الشتوية فإنه لا يزيد كثيراً على 319 مليون جنيه إسترليني من موسم 2017، ويعود، حسب التحقيق المنشور، إلى الانخفاض الحاد في نفقات أندية المسابقة لتعزيز صفوفها في الانتقالات الشتوية؛ للثبات النسبي في عائدات البث، والتهديد بفرض عقوبات مشدَّدة بموجب لوائح الربح والاستدامة، التي وضعتها «رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز».

ما أهدف إليه هو أن الأندية السعودية بحاجة إلى أن تكون أكثر هدوءاً وأقل هوساً من إعلامها وجماهيرها في سوق الانتقالات، إلا عند الضرورة القصوى والحاجة المُلحة التي تجعل النادي مضطراً إلى التغيير في صفوفه؛ لأن الركون إلى هذا المبدأ سيجعل الأندية السعودية أكثر صبراً على اللاعبين؛ ليُظهروا مستوياتهم مع مرور الوقت، بدلاً من الحُكم عليهم في أشهر معدودة.

كان موسم مانشستر سيتي في الصيف الماضي هادئاً، كما يفعل عادة في نافذته الشتوية السنوية في السنوات الأخيرة؛ إذ لا يزيد على استقطاب لاعب واحد، بسبب الرزانة الإدارية والتدريبية في النادي.

الدوري السعودي يبدو هادئاً حالياً، ليس بسبب رزانة إدارييه وأجهزته الفنية، وإنما بسبب القيود الصارمة التي تفرضها لجنة الاستدامة المالية، ومعها في ذلك برنامج الاستقطاب التابع لرابطة الدوري السعودي.

جميل جداً أن يكون هناك لجان تراقب الاستدامة المالية، والأجمل أن تكون هذه الرقابة حاضرة في شرايين الأندية بصفتها استراتيجيات داخلية دائمة، كما تفعل بعض الأندية الأوروبية.

الدخول في سوق الانتقالات صيفاً وشتاءً حق مشروع لكل الأندية، ولكن ذلك يجب أن يكون قائماً على أسباب وجيهة ومنطقية وظروف طارئة، وليس فقط لأن الإعلام أو المشجعين يريدون التغيير.