تذرَّع مناصرو بشار الأسد ورجاله الذين أنكروه، بأنه هو من تخلّى عنهم، عندما دبر خطة فراره في ليلة حالكة غير قمراء. وهي طبعاً حجة قائمة في ساعات الخوف والضعف البشري، وانهيار الأنظمة القائمة على السطوة والرعب.
لكن في استعراض لهذا «الربيع العربي» المدمي، يجب القول إن الرئيس السابق تأخر كثيراً في التيقن بأن خروجه من الصورة هو أفضل ما يقدمه لجميع الأفرقاء. إذ ما البديل الآخر؟. المزيد من آلاف القتلى وملايين المهجرين؟.
القدوة الأولى بين وجوه «الربيع العربي» كان، ولا يزال، زين العابدين بن علي. لن يقاتل شعباً لا يريده، ولن يسفك الدماء من أجل بطولة باطلة. تأخر حسني مبارك قليلاً في التصرف كزعيم مصري، لكنه عاد وأعاد لمصر كرامتها. وكان عندما ينادي القاضي عليه، يجيب في صوت مسموع: «أفندم».
اختار بشار الأسد نموذجاً آخر. فعندما قيل له إن سكان سوريا أصبحوا 8 ملايين نسمة، قال هذه سوريا المفيدة. أي أن الباقي لا ضرورة له.
والآن تتساءل الناس، لماذا لم يقل شيئاً. ولكن لمَن يقول؟ وماذا؟ فيما مضيفه وكفيله الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يعلن، بلى، سوف يقابله عندما يسمح جدول المواعيد.
لم يجد بشار الأسد الوقت لمقابلة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. قارئ عميق للعمل السياسي. ومن هو إردوغان في أي حال لكي يعطيه من وقته؟. أفاق ليرى إردوغان في وداعه في «قصر الشعب»، وهو للمناسبة، القصر الذي أهداه له رفيق الحريري عندما كان حياً.
غداة سقوط بشار الأسد، كتب زياد بهاء الدين في «المصري اليوم» بماء الذهب: «الاستبداد لا يبني وطناً، ولا يحمي أرضاً، ولا يدافع عن هوية، ولا يقاوم مستعمراً، ولا يؤسس للتنمية. نجاحه الوحيد هو السيطرة على الحكم، ودعم المعارضين، والفساد، واحتكار الثروات». انتهى الاقتباس. حتى هذه، فشل بشار الأسد فيها.