علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

العلم والاقتصاد

استمع إلى المقالة

ما من أحد يشك في أهمية العلم في جميع المجالات؛ في الطب، في الهندسة، وغيرهما، من العلوم، ولكن كل هذه العلوم تصب في مصلحة الاقتصاد. هنا يبرز السؤال: كيف؟ إذا كانت مخرجات التعليم في أي فرع علمي جيدة فإن ذلك سينعكس على الاقتصاد إيجاباً، أما إذا كانت مخرجات التعليم سيئة فإن ذلك سينعكس سلباً على الاقتصاد.

لنأخذ مثلاً واحداً. فمثلاً لو خرّجت طبيباً جيداً وعمل في مستشفى حكومي أو غير ربحي فإنه سيشخص المريض تشخيصاً جيداً ويصف الدواء المناسب، مما يعني تقليل التكاليف، وفي هذا وفر على الاقتصاد، بينما إذا خرّجت طبيباً أقل جودة فإنه قد لا يُحسن التشخيص، وبالتالي سيصرف العلاج الخاطئ، وهنا سترتفع التكاليف عبر عدة طرق؛ إذ سنعالج الخطأ الطبي الذي وقع فيه الطبيب وما يتبع ذلك من أضرار جانبية، ثم سنعالج أصل المشكلة، وبهذا ترتفع التكاليف الطبية على أحد الطرفين؛ إما المريض الذي سيبحث عن طبيب أفضل وإما المستشفى إذا اعترف الطبيب المعالج بخطئه.

أما إذا كان المستشفى خاصاً، فإن فاتورة التكلفة ستكون أعلى سواء كان الخطأ عمداً أو من غير عمد؛ ذلك أن المجتمع سيتناقل كثرة أخطاء هذا المستشفى، مما يخلق سمعة سيئة عن المستشفى ويصرف المرضى عن العلاج فيه، وهنا تكون التكلفة عالية نتيجة الخسائر التي سيتكبدها المستشفى، بحيث لا يكون لديه سوى خيارين؛ إما تحسين الخدمة الطبية وهذا يحتاج أيضاً إلى وقت طويل لاستعادة السمعة، وإما الإغلاق وهنا تكون التكلفة الاقتصادية عالية ليس على الأفراد فقط بل حتى على الاقتصاد الوطني، لأننا سنخسر منشأة تقدم خدمة وسنُسَرِّح العاملين مما يعني فقدان الوظائف، وأنتم تعرفون أثر ذلك على الأسر.

هذا من جانب، أما الجانب الآخر فهو مخرجات التعليم الكلية ومناسبتها لسوق العمل سواء المحلية أو الإقليمية، فسياسات التعليم في الدول العربية إذا ركزت على احتياجات السوق المحلية أو الإقليمية فستُخرج أفراداً تتلقفهم السوق، لحاجتها، وهنا يقل عدد العاطلين عن العمل في السوق المحلية وما زاد على حاجة السوق المحلية سيجد فرصة عمل في السوق الإقليمية وبذلك يكون الفرد مصدراً للعملة الصعبة لبلده مما ينعكس أثره الإيجابي على دولته.

على أن ذلك ينطبق على جميع فروع العلوم بما فيها العلوم الإنسانية فحينما تُخرج مترجماً متمكناً فإن دور النشر ستستقطبه، وربما ترجم كتباً تكون ذات هامش ربحي مُجزٍ لدار النشر وله، وإذا خرّجت مؤرخاً كفؤاً فقد يكتب تاريخاً يكون مصدراً موثوقاً تباع طبعاته في كل الدول... وقِسْ على ذلك بقية العلوم، المهم أن تُخرج المدارس أفراداً متميزين ويناسبون سوق العمل لينعكس أثرهم الإيجابي على الاقتصاد. ودمتم.