محمد رُضا
صحافي متخصص في السينما
TT

حرب وراء حرب

استمع إلى المقالة

* يُشير الناقد الأميركي روبرت نعيمي إلى حقيقة لافتة في كتابه «100 فيلم حربي عظيم» (The Great War Movies)/ الصادر سنة 2018 وهي أن الولايات المتحدة خاضت، حتى تاريخ وضع ذلك الكتاب، 222 حرباً، منذ نهاية حرب الاستقلال الأميركي سنة 1783. وإلى اليوم. يشكل هذا نسبة 92 في المائة من التاريخ إذا طبّقنا عدد الحروب بعدد السنوات التي تبعت حرب الاستقلال إلى السنوات القليلة الماضية.

* غطّت السينما الأميركية العديد من تلك الحروب سواء حرب الاستقلال نفسها أو الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب الأميركيين أو الحرب العالمية الأولى ومن ثَم الثانية وما بينهما في جنوب شرقي آسيا وما تبعها جميعاً في فيتنام وسواها (غرينادا، العراق، أفغانستان... إلخ).

* في أحيان عديدة نقلت هوليوود معارك حربية لم تشترك الولايات المتحدة بها كغزوات التتار والحرب الروسية - السويدية وغزو نابليون لأوروبا والغزو الصليبي للبلاد العربية والعديد من الحروب والمواقع التي عرفها التاريخ عبر أزمنته وظروفه المتعددة.

* ليس هناك من مهرب أمام الفيلم الحربي من ثلاثة خيارات: التحوّل إلى مؤيد للحرب أو معارض لها أو يستخدمها لغرض آخر كقصّة حب على غرار «وداعاً للسلاح»، (Farewell to Arms) الفيلم الذي اقتُبس سنة 1932 ثم أعيد تحقيقه سنة 1975.

* أفلام البطولات الوطنية هي الأكثر اقتراباً من التحوّل إلى بروباغاندا من أي نوع آخر من الأفلام. وهذه ارتكبتها السينما الأميركية والسينمات الأوروبية بما فيها الروسية، وتلك التي انتمت إلى ما عرف بأوروبا الشرقية.

* بعض تلك الأفلام مبررة لكن النادر منها ما استطاع مقاومة الزمن والتحوّل إلى ناصية السينما الكلاسيكية. هذا على عكس الأفلام المعادية للحرب (أي حرب) وذلك بدءاً من نسخة لويس مايلستون «كله هادئ على الجبهة الغربية» سنة 1930 ومروراً بـ«دكتور سترانجلوف» (1964) و«الخط الأحمر الرفيع» (1998) و«القيامة... الآن» (1979).

* تبقى هذه الأفلام مثل منارات كاشفة لحروب أقدمت عليها المؤسسات العسكرية والسياسية كما لو أنه لم يكن هناك طرق أخرى لحل إشكال اسمه السلام. مما يجعل الأفلام المعادية للحرب قادرة على التمتع بحياة أطول من سواها وجود المزيد من الحروب التي كان من الممكن تجنّبها لو تعلّم الإنسان من التاريخ.