مرت 90 عاماً على تأسيس «أرامكو»، ولا تزال الشركة تجدد شبابها وتتوسع في الأنشطة لتتحول من شركة نفط عند التأسيس إلى شركة طاقة متكاملة.
يوم الخميس أعلنت «أرامكو» عن استحواذها على حصة أقلية بقيمة 500 مليون دولار في شركة «ميد أوشن» التابعة لشركة «إيه آي جي» التي سبق أن اشترت أنابيب نقل النفط لشركة «أرامكو».
«ميد أوشن» ستستحوذ على 4 مشاريع للغاز الطبيعي المسال في أستراليا من شركة «طوكيو للغاز».
هذه الخطوة أعطت «أرامكو» موطئ قدم لأول مرة في تاريخها في صناعة الغاز الطبيعي المسال، وهي صناعة وسوق مختلفة تماماً وجديدة على «أرامكو».
وبهذا «أرامكو» تلتحق بجاراتها في الخليج، حيث تسيطر قطر على سوق الغاز المسال، فيما دخلت شركات أخرى مثل «كوفبيك» الكويتية هذا المجال منذ سنوات وأصدرت أول مناقصة لشحنة غاز مسال في نوفمبر الماضي من مشروعها مع «شيفرون» في «ويتستون» في أستراليا.
هذه الصفقة ليست مفاجئة ولا جديدة لأن الشركة منذ 5 سنوات أو أكثر وهي تبحث عن أصول للغاز المسال في أمريكا وروسيا وأستراليا. وسبق أن وقَّعت «أرامكو» و«نوفتيك» الروسية مذكرة لبحث فرص التعاون في هذا المجال.
ومنذ 4 سنوات وشركة «أرامكو للتجارة» تعمل على بناء قدراتها في تسويق الغاز الطبيعي المسال من خلال تعيينات في سنغافورة لمتعاملين في الغاز المسال من شركات هناك.
ولهذا دخول «أرامكو» في الغاز المسال ليس مفاجأة، ولكن الطريقة لا تزال متحفظة، فالحصة أقلية، وليست مباشرة، بل عن طريق «ميد أوشن». ومن الطبيعي عندما يدخل أحد إلى سوق جديدة أن يدخل بتحفظ.
وشراء حصة في مشاريع في أستراليا يعطي «أرامكو» القدرة على الدخول في تصدير الغاز المسال دون أن تصدر ذرة غاز من الذي تنتجه في السعودية، والذي تحتاج إليه بشكل كبير.
«أرامكو» لديها خطة ضخمة لإنتاج الغاز غير التقليدي من الجافورة الذي سيساعدها على إنهاء حرق النفط لإنتاج الكهرباء في السعودية، كما ستعتمد على هذا الغاز أيضاً لإنتاج الهيدروجين الأزرق وتصديره بكميات كبيرة. لكن في حال لم تتمكن من تصديره في صورة هيدروجين سيكون أجدى لها تصديره في صورة غاز مسال. وهنا تحتاج لخبرة في هذا المجال ولتسويق الغاز.
يبقى هنا عاملان نتحدث عنهما، وهما التوقيت والسبب. لقد تأخرت «أرامكو» مقارنةً بنظيراتها في الخليج، ولكنها جاءت في وقت يزداد فيه الطلب على الغاز المسال خصوصاً في ظل انقطاع تصدير الغاز الروسي لأمريكا، مما يجعلها تعجّل بالدخول في هذا المجال.
في السعودية قبل الرؤية كانت الأفكار الجديدة تواجه صعوبة في تقبلها، وكان هناك وزراء كثيرون تفكيرهم تقليدي، ولهذا لم نرَ «أرامكو» أو حتى صندوق الاستثمارات العامة يدخلان في مجالات جديدة أو حتى معروفة بسهولة. وهذا بسبب الافتقار للمغامرة التجارية.
اليوم «أرامكو» لديها ملّاك مختلفون ومجلس إدارة يرأسه محافظ صندوق الاستثمارات العامة، ولهذا دخول «أرامكو» عمليات دولية مثل صفقة «ميد أوشن» ليس مفاجئاً.
السؤال الذي أفكر فيه الآن: ما القادم لـ«أرامكو» بعد هذه الصفقة؟! أمامنا 7 سنوات حتى 2030 لنعرف الإجابة.