جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

البصل.. ذهب ولم يعد؟

هل رأيتم ما رأيته الأسبوع الماضي على شبكات التواصل الاجتماعي؟ صورة لملصق في أحد محلات السوبرماركت الكبرى بواحدة من الدول العربية، يعلن صاحبه عن سعر البصل الأخضر، وكتب فيه اسم الخضار باللغة الانجليزية، وتمت ترجمة كلمة "أوراق البصل الأخضر" بالعربية وبالانجليزية Green Onion Leaves حرفيا، حيث ترجمت الى "البصل الأخضر غادر"، باعتبار أن احد معاني كلمة "ليفز" بالانجليزية "غادر" أو " أوراق " (جمع ورقة)، ليكون في عالمنا العربي نوع جديد من البصل لم نسمع به من قبل، وليتحول الى شيء متحرك وكأن له رجلين ليغادر.
سؤالي هنا، الى أين غادر البصل؟ وكيف يمكن لمحلات كبرى عربية بأن تغفل عن جريمة بحق لغتنا كهذه، لتصبح نكتة تطلق بسببها القهقهات والضحكات وتنتشر بسرعة البرق على وسائل التواصل الحديثة، فهل يعقل أنه لم يكن هناك من العاملين من يستطيع قراءة اللغة العربية؟ أين المديرون؟
هذه ليست المرة الأولى التي تنتشر فيها صور مماثلة لملصقات وإعلانات غبية، لم يكلف كاتبها نفسه باستشارة من هو أذكى منه، ولكنه أصر على ذكائه الفطري.
وهل من الممكن أن نرى على لائحة الطعام أسماء أطباق لا يمكن تصديقها، إذا ما نظرنا الى ترجمتها من الانجليزية الى العربية، كما حصل مع طبق شوربة الحمام، لتصبح كلمة ذات معنى مقزز لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون طعاما، لأن سيبويه اللغة وأفلاطون التعبير صاحب المطعم العربي استعان بـ"غوغل" للترجمة الفورية ليحصل على ترجمة حرفية أخرى يتأدب الكلام عن ذكرها.
أنا لا أعتب على "الأغبياء" والأقل ثقافة والذين لم ينعم عليهم الله بأسلوب كتابة سلس، لأنهم لا يفقهون في اللغات شيئا، ولكني أعتب على الاستهتار، والكسل والغباء وطريقة إظهاره بكل فخر.
لائحة الترجمات الحرفية الغبية لا تنتهي. يكفي بأن تخصص قسطا من الوقت على شبكات التواصل الاجتماعية لتحصل على معجم الترجمات الغبية المثيرة للاستغراب والاستياء بنفس الوقت.
وإذا أردنا التحدث عن اللافتات التي توضع على أبواب المحلات في البلدان العربية، فلن يكفي مقال واحد، لأن الحالات كثيرة لدرجة أنها مضللة.
وبعيدا عن اللافتات والهفوات، يجب أن نتحدث عن هؤلاء العرب الذين يصرون على الكتابة والدردشة بواسطة الرسائل عبر الهاتف أو على "فيسبوك" باللغة الانجليزية بدلا من لغتهم الأم، فتكون النتيجة مضحكة، لأنك لن تتمكن من فهم المقصود، وما يرنو اليه "شكسبير"، أو إذا صح التعبير "الشيخ زبير"، فلماذا يلح هؤلاء على تبني ما لا يفقهونه، ولا يحاولون التعبير بما هو مألوف بالنسبة لهم.
وأخيرا إذا عرفتم بأي اتجاه غادر البصل أخبروني؟!