جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

هل السياحة للأغنياء فقط؟

لفتني تعليق من أحد قراء صحيفة «الشرق الأوسط»، لأنه كان دقيقا ويطرح سؤالا في محله، ألا وهو: لماذا يختار بعض الكتاب مواضيع سياحية تبدو كأنها موجهة إلى الأغنياء والطبقة الميسورة فقط؟
جوابي هو أن الهدف من الكتابة عن وجهة سياحية أو فندق أو مطعم.. هو سرد المواصفات والتفاصيل المفيدة التي تنقل القارئ إلى المكان قبل زيارته له، وبالتالي اختيار الصور مهم جدا، فالصورة تجذب، وفي الكثير من الأحيان تكون بعدسة واحد من أهم المصورين، استغرق التقاطها أكثر من يوم كامل، ولكن والحق يقال، كتاب السياحة يخصصون مساحات، ربما غير كافية، للرحلات الاقتصادية والتعرف إلى مدن شهيرة بميزانية متواضعة، وهذا الموضوع تناولناه في أكثر من مناسبة في ملحق السياحة.
صحيح، السفر في الماضي كان حكرا على الأغنياء، فكانت تكلفته أكبر بكثير من يومنا هذا، لم تكن هناك خطوط جوية كثيرة تتنافس فيما بينها، وهذه المسألة تصب في نهاية المطاف في مصلحة المسافر، كما أنه اليوم، من الممكن حجز تذكرة سفر رخيصة جدا على متن أحد الخطوط الجوية الاقتصادية مثل «فلاي دبي» أو «العربية»، «إيزي جيت» و«راينير»، ولكن تبقى هناك مسألة مهمة هي نوعية القارئ، فإذا كان قراؤك في أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، قد يكون التنويع في المواضيع أوسع، ولكن نحن نتكلم عن قراء العالم العربي، الذين يطمحون إلى الأفضل، والإقامة في فندق من فئة 3 نجوم تراها غير كافية، والسفر على متن خطوط اقتصادية غير وارد في قاموسهم، فكيف يمكن أن نقنعهم بموضوع سياحي جذاب بميزانية متواضعة.
بالطبع، ليس كل المسافرين العرب من الأثرياء، ولكن العقلية العربية تفرض على الكاتب في بعض الأحيان معالجة المواضيع بحساسية أكبر، فالسياحة جميلة بجميع أشكالها، وليس من الضروري أن تدفع الكثير من المال حتى تكون سعيدا في رحلتك، ولكن إلى أي مدى يمكن للمسافر العربي تقبل فكرة النزول في أحد فروع «بروميير إن» في لندن أو «ترافيلودج»؟
أنا شخصيا، لا أجد عيبا في ذلك، لا بل على العكس، فبدلا من صرف مبلغ 500 جنيه إسترليني أو أكثر مقابل النوم في سرير، أرى أن المسافر الواعي يمكنه أن يستغل هذا المبلغ في نشاط آخر مثل التوجه إلى المسرح.
السياحة في أوروبا تحديدا، ليست حكرا على الأغنياء، فهناك الكثير من المسافرين الذين يفضلون المكوث في «كارافان»، أو يفضلون النوم في الخيام، وفي عدة مناسبات، قمنا بتغطية هذا النوع من المواضيع والاقتراحات، ولكن، للأمانة والدقة، لم يرد تعليق واحد من أي قارئ عربي عليها، على عكس المواضيع التي اخترناها عن أماكن مثل جزر المالديف وسيشيل ومدن جميلة زاخرة بأجمل المعالم.
بالنهاية، أنا مع قارئنا العزيز، السياحة ليست فقط للأثرياء، ومن الممكن القيام بنشاطات كثيرة من دون تكبيد محفظتك حملا كبيرا تندم عليه فور انتهاء الرحلة، فلندن على سبيل المثال، هي من أغلى مدن العالم، ولكن من السهل جدا أن تتعرف عليها بأقل تكلفة ممكنة، فجميع متاحفها مفتوحة للزوار بالمجان، حدائقها مفتوحة أيضا، وهي بحد ذاتها أشبه بمتحف مفتوح يمكنك أن تتعرف إليه بواسطة المشي المفيد. ولكن السؤال، هل سبق أن رأيت مجموعة سياحية من الشرق الأوسط في متحف؟