طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

«الجهاد» بالريال الإيراني!

نشرت صحيفتنا خبرًا عن تخصيص إيران ميزانية سنوية لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بعد عودة العلاقات بينهما، وقال مسؤول المكتب الإعلامي للحركة إن الدعم الإيراني «ليس تهمة»، ونافيًا أن تكون الحركة محسوبة على طرف في المنطقة، ومشيرًا إلى أن سياسة الحركة «تؤكد دومًا النأي بفلسطين عن أي محاور». هل هذا صحيح؟
مجرد البحث عن أخبار حركة الجهاد، وعلاقتها بطهران، وبمواقع إيرانية إخبارية، أو فلسطينية داعمة للحركة، يجد الباحث جملة من التناقضات المثيرة، والمبنية على استمرار الدعم الإيراني من عدمه! في يوليو (تموز) 2015 أعلنت قيادات بالحركة عن «حالة من الغضب»، بسبب قطع الدعم الإيراني، ونتج عن ذلك عدم حضور الأمين العام لحركة الجهاد، الدكتور رمضان شلح، ونائبه، الإفطار الذي أقامه الحرس الثوري الإيراني بالضاحية الجنوبية. ونقلت وكالة «سما» الفلسطينية عن مصادر أن توقف الدعم الإيراني، الذي يعد المصدر الأساسي لتمويل الحركة، مرده موقف الحركة من بعض الملفات بالمنطقة، نتاج «استقلالية واضحة عن الموقف الإيراني».
ونقلت عن المصادر أن الجهاد كحركة إسلامية سنية: «ترفض أن يملي أحد عليها أي موقف كان، وبالذات فيما يتعلق بقضايا الأمة العربية والإسلامية، والتي تملك الحركة فيها رؤية خاصة مستقلة لم تتغير منذ عشرات السنين»! بينما في عام 2014 قال شلح، ومن طهران، ونقلاً عن وكالة «فارس» الإيرانية: «إن انتصار غزة ما كان ليتحقق لولا الدعم الإيراني الاستراتيجي»!
والآن، وفي هذا الشهر، قال شلح، ومن طهران، بحسب وكالة «إرنا» الإيرانية، إن «التحولات في بعض الدول الإسلامیة أتاحت الفرصة للکیان الصهیونی بأن یمارس ما یشاء من الجرائم». كما عرّض شلح بمصر متحدثًا عن الوضع الراهن فيها و«السیاسات المتضاربة التی انتهجها المسؤولون» المصريون بالسنوات الأخیرة، وقوله، أي شلح: «إن أیًا من الدول العربیة لم، ولن تدعم الانتفاضة الشعبیة في فلسطین»، مضيفًا أن إيران «هي الدولة الوحیدة التي تساند الانتفاضة وعوائل الشهداء»! حسنًا، هل انتهت تقلبات حركة الجهاد، ووفقا للدعم الإيراني؟ بالقطع لا!
خذ المفاجأة، فوفقًا لما نشرته وكالة «إرنا» يقول شلح، وعند لقائه هاشمي رفسنجاني، إن الحرکة تعتبر الدفاع عن إيران بـ«مثابة الدفاع عن الإسلام»، ولافتًا إلی مقولة المرشد الإيراني فی لقائه الأخیر معه، إن «الدفاع عن فلسطين هو الدفاع عن الإسلام»! بينما نقلت بعض الصحف الفلسطينية أن شلح هو من قال إن «الدفاع عن فلسطين هو الدفاع عن الإسلام»! فمن نصدق هنا حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية أم إيران؟ من نصدق «سياسات» حركة الجهاد أم مفعول الريال الإيراني؟ الواضح هو أنه في زمن «الجهاد» بالريال الإيراني فإن كل شيء يجوز عند حلفاء طهران، سنة كانوا أو شيعة!

[email protected]