جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

كيف تزيد وزنك أو تنقصه في يوم واحد؟

الوزن وزيادته من المواضيع الأكثر تداولاً في بداية كل عام جديد، والسبب هو أننا غالبًا ما نترك شهيتنا تتغلب على عقلنا خلال فترة الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة، لذا نجد أن أفضل شيء نبدأ به سنتنا الجديدة هو التخطيط لفقدان الوزن الزائد.
هذا من ضمن القرارات التي نضعها نصب أعيننا كل عام، وهذا الأمر يعرف بالإنجليزية بمصطلح: New Year’s Resolution، ولكن سرعان ما يتبدد القرار، وكما تقول المقولة الشعبية المعروفة: «تعود حليمة لعادتها القديمة».. نعود لنأكل ونتمادى ونبالغ وننسى كل القرارات التي قطعناها وعدًا على أنفسنا بداية العام الجديد.
ولكن أين هي المشكلة؟ هلا لاحظتم؟ أنا أتكلم بصفة الـ«نحن» أو الـ«أنا» وليس «أنتم»، وهذا الأمر قصدته ولم يأتِ من فراغ، والسبب هو أننا في مجتمعاتنا العربية «تحديدًا»، تجدنا متخصصين بوعظ الآخرين وتقديم المحاضرات المجانية لهم عن حجمهم ووزنهم وشكلهم.
في الغرب، وفي لندن تحديدًا، حيث تغيب الشمس عنها أكثر مما تشرق في سماها، إذا أردت أن تستهل الحديث مع أحدهم تبدأ بالكلام عن الطقس وأحوال الطقس، وليس هناك أي ضرر في الأمر، ومن المناخ تتسلل إلى أحاديث مشوقة أخرى، أما في بلداننا، إناثًا وذكورًا، لدينا هذه العادة السيئة، إذ نستهل حديثنا بتأنيب ضمير من يقف أمامنا، ولا ينتهي الأمر هنا لأن الحديث يبدأ بـ«تبدو أو تبدين أنحف» أو «تبدو أو تبدين أكثر بدانة».
حسنًا، ربما فعلاً هذا الشخص تعرض ميزانه في المنزل لعملية سطو أو اعتداء أو انكسر أو فقد، وبالتالي فقد صاحبه السيطرة على نحافة خصره، وأكيد هو يعي ذلك وينعى خصره النحيل، ولكنه ليس بحاجة لمن يذكره بذلك، أو قد يكون الشخص عينه يعاني من مشكلة صحية أو مجبرًا لأن يتناول نوعًا من الأدوية التي تساهم في زيادة الوزن أو.. أو.. أو هناك أسباب كثيرة جدًا لا يمكن أن نحصيها في هذه المساحة، وكما أن للسمنة أسبابها فهناك أسباب أيضًا للنحافة تحول دون زيادة الوزن لدى البعض فتراهم هزيلين ونحفاء ولو أكلوا خروفا كاملاً.
فما مشكلة فاعل الخير هذا؟ وما دام يظن أن وزنه مثالي، لماذا يستقصد الآخرين ويخدش شعورهم وأحاسيسهم؟ ما فائدة التطرق إلى أمر، أراه شخصيًا للغاية؟
برأيي المتواضع، إذا كنت تنوي الحديث عن أمر له علاقة بالشكل، فاستهل حديثك بتعبير أفضل مثلما يفعل الأجانب، فهم يقولون: You look well أو «تبدو بشكل جيد»، أليس هذا أفضل من تدمير الثقة بالنفس؟
واللافت والمضحك أيضًا هو أن هؤلاء لا يعانون من عقدة تدمير ثقة الغير بأنفسهم فقط، بل يعانون أيضًا من قصر النظر، خاصة عندما يأتيك أحدهم ويثني عليك بأنك تبدو نحيفًا وبعدها بخمس دقائق يأتي فهلوي آخر ويزف لك خبرًا معاكسًا ويقول لك: «ليش نصحان؟».
والمضحك المبكي أيضًا هو أن المتبرع بهذه الملاحظات قد يكون آخر من يحق له التعليق على الحجم والوزن.. لأنه لا يتمتع بجسم العارضة العالمية الملقبة بالجسد «إيل ماكفيرسن».
يا جماعة الخير، إذا أردتم أن تتكلموا أو تبدأوا حديثًا فمن الأفضل أن تتكلموا عن الطقس، فحرارة المناخ لا تؤذي بحجم ما تؤذيه حرارة ألسنتكم اللاذعة!