طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

هل وافق الأستاذ على نشر أحلامه؟

بعد رحيل زوجة الأديب الكبير نجيب محفوظ عثرت ابنتاه على كنز لا يقدر بثمن فهو اكتشاف يثير شهية العالم، نجيب محفوظ بعد نوبل صار عنوانا للأدب العربي في أرجاء المعمورة وتترجم أعماله لكل اللغات.
إنه الجزء الثاني مما أطلق عليه نجيب محفوظ عندما نشره قبل عشرة أعوام «أحلام فترة النقاهة»، هذه المرة يقدم نجيب 250 حلما جديدا سنعود إليها بمزيد من التفاصيل بعد قليل.
ولكن دعونا نُطل على مبدع كبير آخر في مجال الموسيقي والغناء، إنه محمد عبد الوهاب، رحلت أرملته السيدة نهلة القدسي قبل أيام، وتجدد أيضا السؤال عن مصير ألحان وأشرطة مسجلة بصوت عبد الوهاب وهل تُقدم للجمهور، كانت السيدة نهلة قبل عامين قد قالت إنها بعد أن غادرت القاهرة وعادت للأردن تركت الشقة التي كانت تعيش فيها في حي الزمالك وبها الأشرطة والتسجيلات والمقتنيات التي سلمتها لأبناء الموسيقار الكبير الذين أنجبهم من زوجته السابقة إقبال نصار. قال أبناء عبد الوهاب بعد أن شاركوا الأسبوع الماضي في جنازة وداع زوجة أبيهم إنهم لم يحصلوا على شيء، ومن الواضح أن هناك أشرطة مفقودة ويقينا سوف تظهر، لأن الأعمال الفنية تكتسب قيمتها من اسم مبدعها، ولهذا أثق أن كل تراث عبد الوهاب المفقود سيتم العثور عليه، المعروف أنه قبل 24 عاما مثلا كان عبد الوهاب قد شرع في تلحين أغنية «في عينيك عنواني»، شعر فاروق جويدة، للمطربة سمية القيصر، ولكن لم يمهله القدر لاستكمال اللحن، وتولى محمد الموجي تلك المهمة، وحرص الموجي على ألا يخرج عن الإحساس الوهابي، إلا أنك عندما تستعيد وتتأمل بنظرة محايدة لحن القصيدة، ستجده يتضاءل كثيرا عن حصيلة الجمع المنتظر من لقاء يجمع بين عبد الوهاب والموجي.
عمل مشترك آخر أيضا طرفاه فريد الأطرش وبليغ حمدي وهو «كلمة عتاب»، كان فريد في البداية يعد اللحن لأم كلثوم ولكنها وكعادتها تراجعت فقرر أن يسند الأغنية إلى وردة ورحل فريد قبل أن يضع المقدمة اللحنية، فقرر بليغ أن يأتي بموسيقى استوحاها من عدد من الألحان الشهيرة لفريد، الأغنية لم تحقق النجاح اللائق بفريد ووردة وبليغ ولا أتصور أن «فريد» كان سيرضى أبدا بتلك المقدمة.
ونعود إلى أحلام نجيب محفوظ عثرت ابنتا نجيب محفوظ على تلك الأحلام بين أوراق أمهما الراحلة، رغم أنها ليست بخط نجيب محفوظ، حيث إنه كان قد وصل فيما يبدو إلى مرحلة عجز فيها عن الإمساك بالقلم، فكان يملي تلك الخواطر على سكرتيره، يتذكر الأستاذ بعد استيقاظه الحلم ويعيد تتابعه وفقا لإحساسه الأدبي، وبعيدا عن السؤال الذي سوف يشتعل بمجرد نشر الأحلام في مطلع العام هل هي لنجيب محفوظ أم لا؟ فأنا لا أشك أبدا في أنها لأديبنا الكبير، ومن الممكن إخضاعها للكومبيوتر وفق برنامج يحلل إبداعات الكاتب الكبير ليتأكد الجميع أنها له، ولكن السؤال هل كان أديبنا الكبير سيلقي عليها نظرة أخيرة أم سيدفعها مباشرة للمطبعة، وإذا كان سينشرها مباشرة، فلماذا لم يعلن ذلك وهو بيننا عندما نشر الجزء الأول.
مثلا وضع رياض السنباطي ألحانًا لثلاث قصائد لتغنيها فيروز ورغم مرور قرابة 35 عاما عليها، لم تطلقها فيروز، البعض سرب على «النت» جزءًا من بروفة لإحدى تلك القصائد تجمعها مع السنباطي، ولكنها لم تتحمس لتداولها ولا أظن أدبيا أنه يجوز لأحد الإقدام على ذلك.
السؤال الذي أترك لحضراتكم الإجابة عليه، هل يحق للورثة أن ينشروا أعمالا للكاتب الكبير وهم غير موقنين تماما أن الأستاذ يوافق على نشرها؟