بشأن موضوع العنصرية والتمييز على مستوى المدن الإيطالية، أود تقديم بعض الاعتبارات. وإن كانت منظمة «مراقب العنصرية ومكافحتها في كرة القدم»، التي أتولى إدارتها، قد ركزت اهتمامها منذ عام 2005 على موضوع التمييز العنصري والعرقي خاصة (لأن تلك كانت الطارئ الرئيس)، لم تقلل أبدا من خطر التمييز بين المدن أيضا (الذي يخضع هذا العام لرقابة خاصة). ما يصدم أكثر، في الجدل الدائر حاليا، هو السهولة التي ينسى بها البعض مشكلات الماضي. وتعود أولى حوادث التمييز العنصري بين المدن إلى عام 1986 على الأقل، حينما رفعت جماهير فيرونا لافتات عدائية تجاه مشجعي نابولي. ليس صحيحا أنه تم تجاهلهم، لكنها رفعت الازدراء والقلق، لدرجة أنه تم إدراج هذا النوع من التمييز بين السلوكيات التي تستوجب العقاب. كي نبقى عند موسم 2012 - 2013، ربما من المفيد تذكر بعض الأندية التي تمت معاقبتها، فقد دفع نادي أتالانتا 18000 يورو بسبب التمييز العنصري في ثلاث مباريات (أمام لاتسيو، وباليرمو ونابولي)، والميلان دفع 10 آلاف يورو بسبب مباراة نابولي، أيضا بسبب «التصرفات الصبيانية» التي قام بها الكثير من مناصريه، الذين ارتدوا خلال المباراة بأسرها القناع الطبي على الوجه في إشارة ازدراء تجاه جمهور نابولي، بينما دفع الإنتر 10 آلاف يورو أمام نابولي أيضا، ويوفنتوس نفس المبلغ في مباراة أودينيزي لكن بسبب هتافات ضد جماهير نابولي، و20 ألفا أخرى أمام لاتسيو في مباراة كأس إيطاليا. ويمكننا أن نضيف إلى هذه العقوبات بادوفا الذي الدفع 6 آلاف يورو أمام يوفي ستابيا ومانتوفا، و3 آلاف أمام فورلي. إنها قائمة جزئية، لكنها ذات دلالة لتعبر كم أن الموضوع لا يزال موجودا، وتفرض المشكلة ذاتها اليوم بسبب تطبيق العقوبات الأكثر صرامة التي يطلبها الاتحاد الأوروبي، التي - وإن كانت لا تتعلق بوضوح بالتمييز العنصري بين المدن - تم استقبالها بتعديل المادة 11 من قانون العدالة الرياضية، الذي دائما ما يشير إلى أنواع مختلفة من التمييز. ربما تعين على اتحاد الكرة الإيطالي أن يشرح بصورة أفضل سبب أن التمييز على أساس المدن أو الإقليم يجب أن تتم معاقبته بصرامة. بالطبع فكرة إلغائها تعد حماقة، سواء لأنه في مناسبات أخرى تمت معاقبتها بإدخالها تحت التمييز العرقي (وهذا يفرضه اليوفا)، أو لأنها تمس الكرامة الإنسانية التي دائما ما يعاقب بسببها الاتحاد الأوروبي. الخروج من هذه المسألة يكون فقط من خلال رفع مستوى الثقافة المناهضة للعنصرية، الذي يجب أن يحدث بالتوازي مع دعم من ينشغل منذ سنين بالتمييز العنصري في كرة القدم. دائما ما طلب الاتحاد الأوروبي أن يكون لدى كل نادٍ شخص معني تحديدا بهذه الموضوعات، لكن لا يبدو لي إلى اليوم أن هذا قد حدث. الصرامة، في هذه السياقات، ذات قيمة لو صاحبها توضيح أكبر. إن التمييز بين الاستهزاء والتمييز العنصري ليس مستحيلا، فإنه تمييز عنصري حينما يتعلق الأمر بتجريد من الإنسانية أو حينما تتم الإشارة بصورة سلبية لكوارث تسببت في وفيات لأحد الأقاليم (وهنا القائمة قد تكون طويلة جدا). ختاما، أود التذكير بحدث مثير للفضول وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، حينما قرر مشجع لنابولي في مباراة فريقه مع الإنتر في ميلانو، على خلفية اللافتات العدائية لجماهير الإنتر ضد جماهير نابولي، قرر مغادرة الاستاد، وأيضا التوجه إلى القضاء لشعوره بالتعرض لإهانة شخصية. وبعدها بتسع شهور، أقر القاضي بأن المشجع قد تعرض «لإيذاء شديد»، وحكم على الإنتر دفع تعويض للمشجع بقيمة 1500 يورو. المسألة نادرة بالطبع، لكن لو قرر 50 ألف مشجع التوجه إلى القاضي وتم الاعتراف لهم بالتعرض لإيذاء شديد، فستكون لدينا أرقام ضخمة من التعويض، تساوي غلق أحد المدرجات في الاستاد. الخلاصة، «ابتزاز» من المشجعين لإجبار الأندية على أكبر قدر من الالتزام. * باحث اجتماعي، ومسؤول «مراقب العنصرية ومكافحتها في كرة القدم»، وهي منظمة مستقلة غير حكومية.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة