حضرت احتفالاً بالمتحف المصري بالتحرير، وذلك بمناسبة إقامة مقبرة داخل المتحف المصري لشخص يُدعى حسي-رع، وكان يعمل كبيراً للأطباء في عهد الملك زوسر، أول ملوك الأسرة الثالثة، أي منذ نحو 4700 عام تقريباً، وقد تمت إعادة بناء هذه المقبرة بالتعاون بين الجانبين المصري والفرنسي. وكان العالم الفرنسي أوجست ماريت، ومعه عالم آخر، هو جاك دي مورجان، قد قاما بالكشف عن مقبرة حسي-رع في شمال سقارة؛ داخل جبانة أطلق عليها اسم «جبانة النخبة» وذلك عام 1861. وبالمقبرة عَثُرا على 5 لوحات خشبية عليها مناظر بالنقش البارز البديع، تُمثل حسي-رع، سواء وهو واقف أو وهو جالس، إضافة إلى تسجيل ألقابه التي تُشير إلى أنه كان يعيش في القصر الملكي، خصوصاً أن مقبرته هي تقليد للعمارة في عهد الملك زوسر. وأهم ألقابه هو رئيس أطباء الأسنان، إضافة إلى لقب آخر مهم جدّاً، وهو رئيس الكتبة الملكيين.
وهناك منظر رائع لأول مرة يظهر في المقابر، وهو تصوير أدوات الكتابة التي كان يستعملها حسي-رع، مثل القلم واللوحة وحقيبة الأصباغ. ونراه يظهر إما ممسكاً بهذه الأدوات في قبضة يده، وإما وهي موضوعة على كتفه. ما يشير إلى أن الكتابة كانت تمارس يومياً في إدارة الملك زوسر، الذي في عهده جرى بناء الهرم المدرّج على يد المهندس العبقري إيمحوتب. ونعتقد أن إيمحوتب وحسي-رع كانا أهم شخصين في تلك الفترة.
وقد كشف ماريت ومورجان 5 لوحات خشبية كما قلنا، وبعد ذلك جاء كويبل عام 1911 وكشف عن اللوحة السادسة. وقام بتنفيذ المشروع، الفرنسية أنيتا كويلز والمصري دكتور إسلام عزت. وأنا حقيقة سعيد جدّاً بهذا التعاون بين عالم مصري شاب، وشابة فرنسية في مشروع إعادة بناء مقبرة داخل المتحف من الطوب اللبن تماماً، مثل المقبرة التي جرى كشفها بمنطقة سقارة، ووضع اللوحات عليها. بلا شك هذه المقبرة تعد إضافة كبيرة للمتحف المصري بالتحرير. وقد حضر حفل الافتتاح صديقي السفير الفرنسي الجديد بالقاهرة، إيريك شافلير، الذي ألقى كلمة عبّر فيها عن عشقه للحضارة المصرية.
وجاء دكتور محمد إسماعيل، أمين عام المجلس الأعلى للآثار الجديد، الذي أكد في كلمته أن المتحف المصري سيظل قلعة للفن، وأن كل الاكتشافات الحديثة التي سوف تكتشف في مصر ستعرض بالمتحف المصري، ما يعطي للمتحف دعاية كبيرة بين السياحة العالمية.