يثير بعض من الإعلاميين المصريين أحياناً عتباً على حكومتهم لأنها تبيع أصولها أو ما يطلقون عليه ممتلكاتها للقطاع الخاص، ويطالبون الحكومة بالإبقاء على هذه الأصول في يد الحكومة، ويساندهم في ذلك بعض من المسؤولين وإن كانت هذه المساندة تتم بالدعم للإعلاميين غير العلني.
في المقابل نرى عدداً من رجال الأعمال المصريين وعدداً من المسؤولين الحكوميين المصريين ينادون ومنذ زمن بعيد بطرح المؤسسات الحكومية للمنافسة، ليديرها القطاع الخاص سواء كان أجنبياً أو مصرياً. ما الذي يجعل بعضاً من الإعلاميين المصريين ينادون بعدم طرح المنشآت الحكومية للبيع للقطاع الخاص؟
أهم سبب هو وقوعهم تحت تأثير نمط التأميم وأنه رمز للقوة، والسبب الثاني هو نشأتهم تحت اقتصاد شبه اشتراكي، والأمر الأخير هو عدم إدراكهم فوائد التخصيص. أما مساندة بعض المسؤولين لهؤلاء الإعلاميين، فإذا استبعدنا الفساد والاستفادة من المنشأة كمورد مالي، فليس أقل من التمتع بالسلطة في إدارة المنشأة.
فيما يتمتع رجال الأعمال والاقتصاديون ورجال الدولة المصريون بنظرة ثاقبة من خلال إصرارهم على تسليم إدارة المنشآت للقطاع الخاص سواء عبر المشاركة أو عبر البيع الكامل، وذلك لعدة أسباب على رأسها ربط الاقتصاد المصري بالاقتصاد العالمي، ثانياً تخفيف الأعباء على الحكومة؛ ذلك أن هذه المنشآت ستدار بطريقة ربحية وستقوم بصرف مرتبات موظفيها، وستتفرغ الحكومة لمعالجة مشاكل أخرى تخدم المجتمع، ولعل أولى هذه الفوائد أن الجنيه المصري ربح 63 في المائة فور إعلان إيداع بعض من مبالغ مشروع رأس الحكمة.
وفي الأسبوع الماضي أعلنت الحكومة عزمها تخصيص بعض من المطارات المصرية للتخصيص، ولم تحدد الحكومة بعدُ هذه المطارات، وهنا زاد التوجس ليخرج ممثل الحكومة معلناً أن التخصيص لهذه المطارات لن يكون بالبيع، وإنما سيكون مشاركة بالتشغيل والإدارة، وهذه ممارسة عالمية، فلو راجعت نسب التملك في مطار هيثرو البريطاني ستجد أن حصة ملكية الحكومة البريطانية حصة أقلية.
وبما أننا بصدد الحديث عن المطارات، فأذكر أنه في عام 1997 كنت في مطار القاهرة ولديّ حجز مؤكد على درجة رجال الأعمال إلى الرياض، وحينما سلمت تذاكري للموظف طلب مني الانتظار، ومع مرور الوقت كنت أطالبه بتذكرة المرور وهو يطلب مني الانتظار، وفي الأخير عرض عليّ مقعداً في الدرجة السياحية فرفضت، وليتني لم أفعل؛ لأن الطائرة غادرت من دوني ولم أصل إلى الرياض إلا بعد 24 ساعة مروراً بجدة وبالدرجة السياحية! وقد أُصبت بعد ذلك بفوبيا، فلم أزر مصر إلا في مارس (آذار) 2006 ميلادية.
فلعله إذا خصص المطار تتلاشى مثل هذه المواقف السلبية؛ لأن دول العالم تعتمد السياحة كمصدر أول للدخل بحكم حجم الوظائف التي تخلقها، ومطار الدولة الوجه الأول الذي يقابله السائح، ودمتم.