كشفت دراسة حديثة أُجريت بالتعاون بين جامعتي إكستر وبريستول في بريطانيا، وجامعة شرق فنلندا، عن أن «زيادة وقت الجلوس في مرحلة الطفولة يمكن أن تؤدّي إلى رفع مستويات الكوليسترول في الدم بمقدار الثلثين خلال مرحلة البلوغ؛ ما يُسبّب مشكلات في القلب، وحتى الوفاة المبكرة».
وأوضح الباحثون في الدراسة، التي نُشرت نتائجها، الخميس، بمجلة «علم الغدد الصماء السريرية والتمثيل الغذائي»، أنّ «ممارسة النشاط البدني الخفيف في الطفولة قد تعكس هذه المخاطر تماماً، وتقلّل نسب الوفاة المبكرة المرتبطة بأمراض القلب».
وتوصي «منظمة الصحة العالمية» حالياً بأن يمارس الأطفال والمراهقون في المتوسط، 60 دقيقة من النشاط البدني المعتدل إلى القوي يومياً، مع تقليل وقت الجلوس، لكن إرشادات النشاط البدني الخفيف لا تزال محدودة.
ووفق الباحثين، فإنّ ارتفاع نسبة الكوليسترول وخلل الدهون في الدم منذ الطفولة والمراهقة يرتبط عادة بالوفاة المبكرة في منتصف الأربعينات، ومشكلات في القلب، مثل تصلب الشرايين تحت الإكلينيكي، وتلف القلب في منتصف العشرينات.
ولكشف تأثير النشاط البدني الخفيف، راقبوا خلال الدراسة 792 طفلاً متوسط أعمارهم 11 عاماً، جرت متابعتهم حتى سنّ الـ24. كما راقب الباحثون أوقات الجلوس والنشاط البدني الخفيف والنشاط البدني المعتدل إلى القوي، وقيس كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (الكوليسترول المفيد)، وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (الكوليسترول الضار)، والدهون الثلاثية، والكوليسترول الكلي بشكل متكرر في سنّ 11 و15 و24 عاماً.
وأجريت للمشاركين أيضاً قياسات متكرّرة لتقييم إجمالي كتلة الدهون في الجسم وكتلة العضلات، بالإضافة إلى نسبة الغلوكوز بالدم، ومتابعة تاريخ أمراض القلب والأوعية الدموية.
وأثبتت النتائج أنّ زيادة وقت الجلوس في مرحلة الطفولة يمكن أن تزيد مستويات الكوليسترول بنسبة الثلثين (67 في المائة) مع حلول الوقت الذي يصل فيه الشخص إلى منتصف العشرينات.
من جانبه، يقول قائد الفريق البحثي بجامعة إكستر البريطانية، الدكتور أندرو أغباجي، لـ«الشرق الأوسط»: «دراستنا أثبتت أنّ زيادة وقت الجلوس أثناء الطفولة تؤدّي إلى تفاقم مؤشرات الدهون بالدم، لكنها أثبتت أيضاً أنّ ممارسة النشاط البدني الخفيف، مثل المشي أو السباحة أو ركوب الدراجات لفترات تتراوح بين 3 و6 ساعات يومياً، تخفض نسبة الكوليسترول بمقدار 5 إلى 8 أضعاف عند الكبر، وكان تأثير النشاط البدني الخفيف يفوق النشاط المعتدل إلى القوي».
ويضيف أنّ مستويات الكوليسترول والدهون المرتفعة في الدم خلال مرحلة الطفولة ترتبط بخطر الإصابة بتصلب الشرايين في منتصف مرحلة البلوغ والوفيات المبكرة لأمراض القلب والأوعية الدموية في منتصف العمر، موضحاً أنّ النتائج تؤكد الأهمية الصحية الكبيرة للنشاط البدني الخفيف، الذي يمكن أن يكون المفتاح لمنع ارتفاع نسبة الكوليسترول والدهون في خلال مرحلة الطفولة، داعياً الآباء وخبراء الصحة العامة وأطباء الأطفال لضرورة تشجيع الأطفال على المشاركة بالنشاط البدني الخفيف منذ الطفولة للحد من الوفيات المبكرة المرتبطة بأمراض القلب عند الكبر.