عندما يصر الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله على عدم التحقيق في كارثة مرفأ بيروت ومعه حركة «أمل»، فإنه يعني ما كان قاله وردده مراراً وتكراراً وهو أنَّ لبنان جزء من إيران التي يحكمها الولي الفقيه الذي هو حاكم ولايته ليست محدودة بحدود جغرافية. وهكذا فإنّ لبنان ليس سوى جزءٍ من دولة إسلامية كبرى تقودها طهران.
ولذلك ورداً على سؤال يخصّ علاقة «حزب الله»، أي حزبه، بالجمهورية الإسلامية في إيران، قال حسن نصر الله: إنَّ هذه العلاقة بالنسبة لنا حتمية فأنا واحد من الذين يعملون في مسيرة هذا الحزب وفي أجهزته وإنني لن أبقى للحظة واحدة في هذه الأجهزة لو لمْ يكن لديّ يقين قاطع بأنها تتصل بالولي الفقيه!
وهكذا فإنَّ هذا يعني أنَّ حسن نصر الله وحزبه «حزب الله» ومعه حركة «أمل» وكما قال مراراً إنَّ إيمانه راسخ بولاية الفقيه وبسلطته المعنوية وذلك إنْ لم تطرأ تطورات سياسية في إيران تلغي هذه التبعية لـ«صاحب الزمان» وحيث تعود الأمور إلى ما كانت عليه في الفترة الشاهنشاهية وقبل أنْ تصبح الولاية لآية الله الخميني الذي أمضى جزءاً رئيسياً من مسيرته في العراق وهذا قبل أن ينتقل إلى فرنسا ويقيم في قرية «نوفل لوشاتو» بالقرب من باريس وحيث قد عاد منها إلى طهران.
والمقصود بهذا كله هو أنّ حسن نصر الله، هذا الذي بقي يرفض فتح ملفّ مرفأ بيروت الذي اعتبره «مسيّساً»، يعتبر أنَّ لبنان جزء من دولة الولي الفقيه وأنَّ هناك مجموعات مرتبطة بالسفارة الأميركية وأنها وراء أعمال العُنْف التي وقعت في ضاحية بيروت الجنوبية، والحقيقة هنا هي أنَّ «حزب الله» وحركة «أمل» قد افتعلا هذه المواجهة من أجّل الإبقاء على ملفَّ مرفأ بيروت مغلقاً ومن أجّل السيطرة المطلقة على بيروت العاصمة اللبنانية، وهذا هو ما حصل بالفعل، حيث إن رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميِّل قد قال إنَّ حزب حسن نصر الله يريد دفْن انفجار مرفأ بيروت وإنه بات يحكم قبضته على لبنان وإنه يستعملُ أدواته للسيطرة على الدولة اللبنانية... ومن السلاح إلى تعطيل الرئاسة وتعطيل الحكومات كلها!!
وأضاف رئيس حزب الكتائب: إنَّ مشهد اليوم هو نفسه الذي أدّى إلى الحرب اللبنانية... وإنه سيتكرر لأن العوامل نفسها موجودة... وإنه إن لم يكن المسؤولون قادرين على العمل فليغادروا مناصبهم... وإنه لا يجب الذهاب إلى مواجهة طائفية كما يريدها «حزب الله»... وإنَّ هذا الحزب يستفز اللبنانيين كلهم... ولذلك يجب أن نكون موحدين في هذه المواجهة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الخارجية اللبنانية قد قالت إنَّ أنشطة «حزب الله» هذه باتت تقوّض السيادة اللبنانية.
ولعل ما تجدر الإشارة إليه هو أنَّ هناك إنْ لم يكن إجماع لبناني فشبْه إجماع بأن «حزب الله» ومعه حركة «أمل»، بات يأخذ الأمور والأوضاع إلى حرب أهلية لبنانية جديدة على غرار حرب عام 1975 التي استمرت لأكثر من خمسة عشر عاماً، حيث بلغت خسائرها البشرية نحو 150 ألف قتيل وحقيقة أنّ ما بات يفعله هذا الحزب، أي حزب حسن نصر الله، قد وضع الأمور في هذا البلد، بلد الحروب الأهلية، على شفا حربٍ أهلية جديدة، وأنّ اشتباكات خطوط التماس الجديدة هذه قد أعادت إلى أذهان اللبنانيين، وأيضاً أذهان المراقبين عن بُعد، ذكريات تلك الحرب المدمرة التي كانت قد استمرت لأكثر من خمسة عشر عاماً، وهنا فإنَّ ما يعزز القناعة بأن لبنان بات بانتظار حرب أهلية جديدة بالفعل هو أنَّ المراقبين قد شاهدوا مُقنّعين من «حزب الله» وحركة «أمل» وهم يطلقون النيران في اتجاه المناطق المسيحية.
إنَّ هناك مثلاً عربياً قديماً يقول: «وإنَّ الحرب أوّلها كلام» والحقيقة أنّ هذه الحرب المتوقعة، ونسأل الله أنْ لا تكون، ليس أوّلها الكلام وإنما الرصاص، والواضح لا بل المؤكد أنَّ إيران هي التي تريد هذه الحرب التي دفعت «حزب الله» وحركة «أمل» إليها دفعاً كي تستكمل تمدّدها العسكري والسياسي أيضاً في هذه المنطقة العربية التي كانت قد قالت إنها باتت تسيطر وتحتل ستاً من دولها، وهذا كلام كان قد قاله كبار المسؤولين في طهران ومن بينهم حسب بعْض ما نُقل من العاصمة الإيرانية المرشد علي خامنئي!!
وعليه فإنَّ إيران هذه، كما تقول هي علناً، باتت تحتلُّ الآن ستّ دولٍ عربية من بينها أربع أساسية هي: العراق (بلاد الرافدين) وسوريا واليمن وبالطبع ولبنان، ودولتان أخريان، والمعروف هنا هو أنَّ دولة الولي الفقيه باتت تتسرب في العديد من الدول العربية تسرّباً طائفياً وأنّ وجودها الاحتلالي في هذه الدول بات مكشوفاً ومعروفاً وأنها لا تنكرهُ لا بل إنها تعترف به وعلى رؤوس الأشهاد وكما يقال!!
إنه من حقِّ بغداد أن تفتخر وتتفاخر بانتخاباتها الأخيرة لكن المعروف أنه لو لم تأت الموافقة على هذه الانتخابات التي تواجه عقبات كثيرة من الولي الفقيه في طهران فإنها لن تكون إطلاقاً، ولعل ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنَّ ما يسمَّى «الحشد الشعبي» الذي لا ينكر أنه قوة إيرانية بات يتصدى لهذه الانتخابات وأنَّ هناك احتمالاً، البعض يقول إنه مؤكد، أنَّ كل ما جرى في هذا المجال سينهار في أي لحظة إذا كان بعض «المناوئين» الذين جاء فوزهم رئيسياً وأساسياً بالفعل ضد إيران وحقيقة إنّ هذا غير ممكن وأنه من المستبعد جداً أن يكون هناك «شيعي» قد حقق كل هذا الفوز في الانتخابات العراقية الأخيرة رغم أنف صاحب القرار في طهران.
إنّ هناك مثلاً يقول: «خذوا أسرارهم من صغارهم» وحقيقة إنه يجب أخذ أسرار إيران بالنسبة لتمدّدها وتدّخلها في ست دول عربية من «حزب الله» اللبناني، وحيث إن قائده حسن نصر الله قد أعلن وفي أكثر من مرة أنه لو كشف عن أعداد شباب حزبه لأصيب كثيرون بالرعب، ومع العلم أنّ نصر الله لا يعتبر أن حزبه هذا حزب سياسي وإنما قوة عسكرية، وأن الجنوب اللبناني بات جزءاً من جمهورية إيران وهذا مثله مثل ما يقوله الإيرانيون عن العراق وعن سوريا وعن اليمن ودولٍ عربية أخرى.
ثم وفي النهاية فإنّ الأخطر هو أنَّ حسن نصر الله يعتبر أنّ لبنان جزء من إيران وأنه يعتبر الجنوب اللبناني قاعدة عسكرية إيرانية، وإنه لا يزال يرفض حتى الآن الاعتراف بما حصل بمرفأ بيروت الذي كان ما حصل به من دمارٍ كارثة حقيقية وفعلية، وهذا كله يعني أن «حزب الله» هذا ليس حزباً لبنانياً، وهذا قد كان قاله رئيسه ولا يزال يقوله حتى الآن.
8:2 دقيقه
TT
«حزب الله» قوة عسكرية لإيران!
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة