إيلي ليك
TT

كيف ستحاول الولايات المتحدة تمديد حظر الأسلحة على إيران؟

من شأن الولايات المتحدة، خلال الأسبوع المقبل، أن تحاول دفع مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة إلى القيام بأمر ظلت واشنطن تعمل على إقناع الحلفاء بدعمه وإسناده خلال العام الماضي، ألا وهو: تمديد حظر الأسلحة التقليدية الذي تفرضه منظمة الأمم المتحدة على جمهورية إيران الإسلامية، وهو الحظر الذي من المقرر أن ينقضي تاريخه بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الجاري. وربما يلقى ذلك القرار الفشل في مجلس الأمن، غير أن ذلك لا يعني أن السياسة المعتمدة لدى الولايات المتحدة تجاه إيران تنبغي هي الأخرى أن تكون سياسة فاشلة.
ولقد أعلن مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي أن بلاده سوف تتقدم بمشروع القرار المشار إليه يوم الأربعاء المقبل (اليوم)، أي قبل إعلانه مغادرة برايان هوك - مبعوثه الخاص المعني بشؤون السياسات الإيرانية - لمهام منصبه. وقال بومبيو إنه من شأن مجلس الأمن الإقلال من أهمية مهام برايان هوك في المحافظة على السلام والأمن الدوليين، لا سيما إذا سمحنا للدولة الأولى على مستوى العالم الراعية للإرهاب بمواصلة شراء وبيع الأسلحة بكل سهولة وحرية.
ولا يمكننا اعتبار موقف بومبيو مجانباً للصواب. فمن بين العديد من نقائص الاتفاق النووي الإيراني المبرم في عام 2015 أنه سمح بتحديد تاريخ معين لانتهاء صلاحية حظر الأسلحة التقليدية بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية في المقام الأول. ولقد جاء إقرار هذا البند - بصفة جزئية - بناء على طلب مباشر من الصين وروسيا، اللتين كانتا من البلدان المعنية المشاركة في المفاوضات الجارية وقتذاك. ومن ثم، من المرجح تماماً أن تستخدم كل من بكين وموسكو صلاحية حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن الدولي في إفشال مشروع القرار المزمع من جانب الولايات المتحدة. وبالتالي، فمن شأن استراتيجية الولايات المتحدة الخاصة بتمديد فترة القرار الأول لحظر الأسلحة على إيران أن يُحكم عليها بالفشل.
وكانت كيلي كرافت، سفيرة الولايات المتحدة لدى منظمة الأمم المتحدة، قد أقرت بذلك في وقت سابق، إذ أخبرتني صراحة عبر مقابلة شخصية أجريتها معها في الأسبوع الماضي ضمن فعاليات منتدى للشؤون الأمنية، قائلة: «لن أكون قادرة على تغيير وجهات نظرهم. ومع ذلك، فإن ما يمكننا فعله يتمحور حول تغيير الطريقة التي تنظر بها البلدان الأخرى نحو إيران، وهذا من الأمور ذات الأهمية القصوى في المرحلة المقبلة». أي بعبارة أخرى، تتعلق استراتيجية وزارة الخارجية الأميركية بإلحاق أكبر قدر من العار بأكبر خصمين من خصوم الولايات المتحدة داخل مقر منظمة الأمم المتحدة في نيويورك.
بيد أن مايك بومبيو يملك بطاقة أخرى للاستعانة بها. فإذا خسرت الولايات المتحدة التصويت المزمع في مجلس الأمن بشأن تمديد حظر الأسلحة التقليدية على إيران، فلا يزال بإمكان الولايات المتحدة من الناحية النظرية فرض حظر التمديد من خلال تفعيل أحد البنود - المعروف دبلوماسياً باسم تحريك آلية إعادة فرض العقوبات تلقائياً - في الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي أعلن الرئيس دونالد ترمب انسحاب الحكومة الأميركية منه في عام 2018 بعد توليه مهام رئاسة البلاد. وكما صرح مايك بومبيو للصحافيين يوم الأربعاء الماضي بأن هذا البند من الخيارات المتاحة أمام الحكومة الأميركية، وأن الولايات المتحدة سوف تبذل كل ما في وسعها من جهود من أجل ضمان تمديد حظر الأسلحة على الجمهورية الإسلامية، وأنها تعتبر من قبيل المناورات السياسية ذات الطابع الغريب للغاية في ظاهر الأمر. وكانت صياغة بند إعادة فرض العقوبات تلقائياً في قرار مجلس الأمن الدولي - الذي يُقنن الاتفاق النووي الإيراني - من الأدوات المتاحة لدى البلدان التي كانت طرفاً في صياغة ذلك الاتفاق من الأساس. وكما قال أنتوني بلينكين، نائب وزير الخارجية الأميركي الأسبق ومستشار الحملة الانتخابية الرئاسية لجوزيف بايدن، ضمن فعاليات منتدى للشؤون الأمنية مؤخراً: «لا بد من تحريك آلية إعادة فرض العقوبات تلقائياً من طرف أحد البلدان المشاركة في صياغة الاتفاق النووي الإيراني».
ويختلف سياسيون آخرون مع الموقف الأميركي المعلن؛ إذ أبلغني ريتشارد غولدبيرغ، وهو الذي أدار حملة ضغط سياسية كبيرة ضد الجمهورية الإسلامية في مجلس الأمن القومي الأميركي، بأن قرار مجلس الأمن الدولي الذي يُقنن الاتفاق النووي الإيراني قد تمت صياغته على وجه التحديد بطريقة تحفظ للولايات المتحدة حقها في تحريك آلية إعادة فرض العقوبات تلقائياً، تحت أي سيناريو، وفي أي وقت. فإذا وقعت الجمهورية الإسلامية في حالة انتهاك واضحة لالتزاماتها ببنود الاتفاق النووي وأحكامه، كما يقول، فيكون للولايات المتحدة الحق في تحريك آلية إعادة فرض العقوبات تلقائياً التي جرى رفعها من قبل نتيجة لإبرام الاتفاق النووي - وذلك بصرف النظر تماماً عما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال طرفاً من أطراف الاتفاق من عدمه.
وبصرف النظر كذلك عن الجوانب القانونية لقرار حظر الأسلحة التقليدية في الآونة الراهنة أو في المستقبل ضد إيران، فلا تزال هناك فرصة جيدة للغاية لأن تتحرك كل من الصين وروسيا لتسليح الجانب الإيراني على أي حال. ولم يتخذ القانون الدولي موقفاً حازماً ضد هاتين الدولتين في أي مناسبة من قبل. ولقد شرعت الحكومة الصينية بالفعل في إجراء المحادثات بشأن إبرام الشراكة الأمنية الوثيقة مع طهران.
وفي الوقت الراهن، لا يزال السيناريو الذي يمارسه مايك بومبيو داخل أروقة الأمم المتحدة ذا طبيعة رمزية بحتة. وكما أبلغتني السفيرة كيلي كرافت، فإن بقية دول العالم سوف ترى الدماء التي تلطخ أيادي كل من روسيا والصين. كما أن أي شخص طبيعي كان يتابع الأحداث التي مرت على العالم خلال الـ75 عاماً المنقضية سوف يدرك ذلك بالفعل.
من شأن الاستراتيجية الأكثر واقعية لدى الولايات المتحدة للمضي قدماً على هذا المسار - تحت قيادة دونالد ترمب أو جوزيف بايدن - أن تكون استراتيجية أحادية الجانب. ومن الحماقة أن نتوقع من منظمة الأمم المتحدة العمل على تعزيز الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط عندما لا يكون لعضوين من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي نفس المقدار المعتبر من المصالح التي تحظى بها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة.
ومن المقاربات المثلى التي ينبغي على الولايات المتحدة اعتمادها الاستعانة بقواتها البحرية، وبالنسبة لحلفاء واشنطن الاستعانة بالإمكانات الواسعة لمختلف أجهزة الاستخبارات، في اعتراض شحنات الأسلحة الجديدة الواردة إلى الجمهورية الإسلامية. ولقد سبق أن استخدمت الولايات المتحدة تلك الاستراتيجية في غير مناسبة من قبل، تحت قيادة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش ضد كوريا الشمالية. وينبغي على واشنطن إعادة النظر في ذلك الأمر عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع إيران.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»