عادل عصام الدين
صحافي سعودي
TT

سباق من نوع آخر!

في بطولة كأس العالم لكرة القدم التي نتابع إثارتها وجمالها هذه الأيام، ثمة سباق مختلف يتمثل في منتخبات «الاستيراد» ومنتخبات «التصدير». والمثير في الأمر أن منتخبات الاستيراد هي المنتخبات الكبيرة في أوروبا، ومنتخبات التصدير هي تلك الكبيرة في أميركا اللاتينية.
يأتي الدوري الإنجليزي في الصدارة، حيث يوجد 118 لاعبا في كأس العالم، وهذا الرقم لا يعني أن عدد الدوليين في الدوري الإنجليزي لكرة القدم 118، بل هو عدد من يمثلون المنتخبات المشاركة فقط، ذلك أن في الدوري الإنجليزي عددا كبيرا من اللاعبين الدوليين، مثل لاعبي ويلز، ومن اللاعبين الأجانب الذين لم تصل منتخبات البلدان التي يمثلونها للنهائيات.
ويأتي الدوري الإيطالي ثانيا برقم 96، ثم الألماني برقم 89، يليه الإسباني برقم 68، والدوري الفرنسي بـ55 لاعبا.
وهذه الأرقام لها مدلولات كثيرة، من أبرزها: أن الدوري الإنجليزي، كما تؤكد الأرقام، هو الأفضل والأكثر جاذبية في الوقت الراهن، ومن أهم أسباب قوة الدوري: اتساع قاعدة المنافسة وتقارب المستويات، بعكس الدوري الإسباني - مثلا - حيث ينحصر صراع المنافسة بين فريقين وأحيانا ثلاثة أو أربعة فرق. وسبق للدوري الإيطالي أن كان في المركز الأول من ناحية الاستقطاب، بل كان الأكثر جاذبية، إلا أن أعباء الأندية إداريا وماليا كان لها الأثر السلبي على الدوري، وبالتالي على متانة وقوة الأندية الإيطالية، ومن ثم المنتخب الإيطالي.
ورغم قوة الدوري الإنجليزي وارتفاع مستواه، فإن ذلك لم ينعكس إيجابا على مستوى المنتخب الإنجليزي، وقد باتت هذه القضية لا تؤرق خبراء ومسؤولي كرة القدم الإنجليزية فحسب، بل حتى «فيفا»، وقد قرأنا الكثير من التصريحات المباشرة التي تتعلق بالمبالغة في الاستيراد، إن صح التعبير، أي استقطاب النجوم من خارج الحدود، وقد اعترض الاتحاد الدولي لكرة القدم على ذلك على اعتبار أن هذه المبالغة من شأنها قتل المواهب والحد من ارتفاع عدد الدوليين الذين يملكون كفاءة عالية.
أما في القارة اللاتينية فالأمر مختلف، فهي غالبا قارة التصدير، ويكفي أن نشير إلى لاعبي منتخبات الصدارة: البرازيل والأرجنتين والأوروغواي.. وحتى كولومبيا والإكوادور وتشيلي. ثم إن المميزين يمثلون الأندية الأوروبية الضخمة. في مباراة الافتتاح مثلا كان دفاع البرازيل مكونا من مارسيللو من ريال مدريد، وداني الفيس من برشلونة، وديفيد لويز وزميله الكابتن تياغو سيلفا من باريس سان جيرمان.
هل يمكن القول إن نجوم البرازيل والأرجنتين والأوروغواي استفادوا من أوروبا بقدر استفادة المنتخبات نفسها؟!
في تصوري الشخصي أن الإجابة هي نعم؛ ذلك أن البرازيل والأرجنتين تحديدا استفادتا من خبرة وتجارب وقوة النجوم الذين يلعبون في أوروبا. وربما نجحت إسبانيا وألمانيا بالتوازن بين المحافظة على النجم المحلي وعملية استقطاب الأسماء الكبيرة من الخارج.
والحقيقة أن إسبانيا تحديدا قدمت أجمل مثال وأفضل تجربة.. استقطبت الأفضل عن طريق عملاقي العالم ريال مدريد وبرشلونة، فحافظت على مكانتهما، ولم تنس نجومها المحليين، بل كان المحليون في صدارة المشهد، ومن ينسى تشافي وإنييستا وتشابي ألونسو وبيكيه وكاسياس؟!