الزنك ومكافحة الإسهال

يلعب دورا كبيرا في زيادة المناعة ويحافظ على كفاءة الجهاز العصبي

مواد غذائية تحتوي على الزنك
مواد غذائية تحتوي على الزنك
TT

الزنك ومكافحة الإسهال

مواد غذائية تحتوي على الزنك
مواد غذائية تحتوي على الزنك

من المعلومات الأكثر شيوعا بين الناس أن الفيتامينات والمعادن لها أهمية بالغة في الحفاظ على الصحة، حتى إن معظم الأمهات يرغبن في إعطاء أطفالهن الفيتامينات الدوائية بشكل وقائي دون احتياج حقيقي، وهذا سلوك خاطئ إذ يجب العودة للطبيب لتحديد احتياج الطفل من عدمه.
وقد يكون الزنك أقل شهرة من بعض المعادن والأملاح الأخرى الضرورية للجسم مثل الكالسيوم أو الحديد خاصة للأطفال، ولكن الحقيقة أن الزنك يعد من أهم العناصر لضمان الصحة الجيدة سواء للبالغين أو للأطفال خاصة الذين يعانون من سوء التغذية في حالة إصابتهم بالإسهال. ويمكن له أن ينقذهم من الإسهال الشديد والنزلات المعوية التي تعد من أهم أسباب وفاة الأطفال قبل سن الخامسة.

* أهمية الزنك
أكدت أحدث دراسة نشرت في مكتبة «كوكرين» (Cochrane Library) وهي عبارة عن مجموعة من قواعد البيانات في مجال الطب والصحة العامة) أهمية الزنك في الوقاية من الإسهال. وكان الباحثون قد ركزوا في بحثهم على الدور الذي يمكن أن يلعبه الزنك في زيادة المناعة والوقاية من الأمراض في هذه المرحلة العمرية. وقاموا بتجميع بيانات من 80 تجربة سابقه شملت 205401 طفل، تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و12 عاما، كان معظمهم من الدول النامية والفقيرة.
وتوصلوا في مجمل الدراسات إلى أن إمداد الأطفال بالزنك كما هو الحال مع الفيتامينات والمعادن الأخرى يمكن أن يكون ذا فائدة صحية عظيمة. وأوضحوا أن المواد الإضافية الخارجية بما فيها الزنك لا يجب أن تستخدم في حالة اتباع نظام غذائي متوازن في الدول الغنية التي تتوافر فيها مصادر المعادن من خلال الطعام دون الحاجة إلى توفره كدواء. ولكن تلك المواد الإضافية ذات فائدة كبيرة للأطفال الذين يعانون من نقص التغذية الصحيحة.
ومن المعروف أن الزنك على وجه التحديد يلعب دورا كبيرا في زيادة المناعة وتكوين الكثير من العناصر المهمة للجسم مثل الكربوهيدرات والدهون وبعض الإنزيمات، ويدخل في صنع الحامض النووي، وكذلك الحفاظ على كفاءة الجهاز العصبي. ولا بد من الحصول عليه من خلال الطعام، حيث إن الجسم لا يقوم بتصنيعه.
وتقدر نسبة الأشخاص الذين يعانون من نقص الزنك في العالم بنحو واحد من كل ستة أشخاص، كما أن هناك واحدا من كل 58 طفلا يموتون قبل عمر الخامسة بأمراض يلعب نقص الزنك فيها دورا كبيرا. وقد لاحظت الدراسة أن الأطفال الذين تناولوا كميات أقل من الزنك كانوا أكثر عرضة للإسهال، كما أن الأطفال الذين تناولوا الزنك بشكل كاف كانوا أطول قليلا من أقرانهم مما يؤكد أن الزنك له دور في البلوغ (إلا أن الدراسة أشارت إلى أن الغذاء الصحي المتكامل يلعب دورا أهم في البلوغ من الزنك)؟ وعلى الرغم من أن تناول الزنك قد يسهم في زيادة القيء في بعض الأطفال إلا أن الدراسة خلصت إلى أن فوائد تناوله تفوق عدم تناوله بشكل كبير.

الحد من الإسهال
وكانت منظمة الصحة العالمية (WHO) قد أشارت سابقا إلى أنه يتحتم مواجهة الإسهال عند الأطفال، والذي يتسبب في وفاة مليون طفل سنويا دون الخامسة في العالم كله، وأن معظم هذه الوفيات في الدول الفقيرة والنامية. وذكرت أن هناك من التوصيات التي يمكن أن تساعد في الحد من نسبة الوفيات وكان من ضمن هذه التوصيات استخدام الزنك بشكل روتيني في جرعات نحو 20 مليغراما يوميا للأطفال بعد عمر ستة أشهر أو بجرعات عشرة مليغرامات يوميا للأطفال أقل من ستة أشهر. وكان من ضمن التوصيات أيضا التأكيد على وجود مياه نظيفة لتجنب انتقال العدوى، وكذلك يجب توفير محلول معالجة الجفاف لمعظم دول العالم. وأشارت إلى أن تناول الزنك يلعب دورا في الوقاية من الإسهال لأنه يلعب دورا فعالا في تكوين البروتين ونمو الخلايا ونقل الماء والمعادن من الأمعاء فضلا عن أنه يقلل من عدد مرات الإسهال وشدته.
وأشارت المنظمة أيضا إلى أن نقص الزنك يزيد من فرص الإصابة بعدوى الجهاز الهضمي خاصة في الدول الفقيرة حيث لا يتوفر الزنك عن طريق الغذاء (الزنك يوجد في المنتجات الحيوانية، ومعظم الدول الفقيرة تعاني من نقص الثروة الحيوانية) أو نتيجة لمشكلات في امتصاصه حيث إن وجود مادة مثل «الفياتين» الموجودة في الخبز تقلل من امتصاص الزنك «phytates».
وللأسف فإن معظم الأطباء في الدول النامية لا يستخدمون الزنك كعلاج أو كوقاية من حالات الإسهال لعدم قناعتهم التامة بالدور الذي يلعبه في الوقاية، كما أن هناك مخاوف من أن الجرعات العالية من الزنك قد تعيق امتصاص بقيه الأملاح المعدنية الأخرى مثل الحديد والكالسيوم. وفى النهاية يجب على سكان الدول النامية والفقيرة عدم إغفال الدور الذي يلعبه الزنك في الحفاظ على حياة الأطفال.

* استشاري طب الأطفال



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».