تولى ولي العهد الجديد محمد بن سلمان مهام منصبه في المملكة العربية السعودية، وهو الأمير الذي لم تشهد المملكة شخصية مثله من قبل، فلقد كان - وما زال - يتولى مسؤوليات واسعة للغاية، مثل منصب وزير دفاع المملكة، ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية؛ المشرف الأول على الاقتصاد السعودي وجهود إصلاحه وتحديثه. وكما قال لي أحد الوزراء السعوديين، قبل فترة وجيزة من لقاء مع الأمير: «إنك على وشك أن تلتقي بقوتنا الطبيعية».
وليس هناك من شك في أن الرجل يعلم ما يفعل تماماً، فهو على يقين من أنه يتعين على المملكة العربية السعودية تنويع مصادر اقتصادها، وتحديث مؤسسات الدولة وأساليب الحكم، وهو يدرك أنه في عصر التغيير التكنولوجي السريع، يجب على المملكة العربية السعودية إيجاد قاعدة الاقتصاد القائم على العلم والمعرفة.
زيارة واحدة إلى كلية ريادة الأعمال في مدينة الملك عبد الله تشعرك أنك في حرم جامعي لشركة «غوغل» العملاقة، ولكن الأمر لا يتعلق بمجرد التخطيط فحسب، بل بالتعليم الجامعي المختلط الذي يمنحك الإحساس الأكيد بأن هؤلاء الشباب يملكون الطاقة والجدية التي تمكنهم من إعادة تشكيل وجه البلاد. وليس هناك من شك في أن ولي العهد الجديد هو مصدر إلهامهم الرئيس.
وما إذا كان بإمكانهم، تحت قيادة ولي عهدهم الجديد، النجاح والتفوق، هو أمر سوف تكشف عنه الأيام المقبلة.
المملكة العربية السعودية بلد محافظ لن يكون التغيير الاجتماعي فيه بشكل عام، وبالنسبة للنساء على وجه خاص، أمراً سهلاً أو يسيراً.
وفي عصر الأسعار النفطية المنخفضة عالمياً، صارت مهمة ولي العهد السعودي الجديد أكثر صعوبة. ولقد أعادت الحكومة السعودية بالفعل بعض التخفيضات التي فُرضت من قبل على الرواتب لمحاولة تقليص العجز في الموازنة العامة للدولة.
ولا يزال ولي العهد يتحرك نحو الأمام، متعهداً بتنويع مصادر الدخل، ومحاولاً العمل على تغيير الثقافة، من خلال إفساح المجال أمام تنظيم الحفلات الموسيقية، وجولات مختلف الفرق الفنية بين ربوع المملكة، حتى في الوقت الذي يسعى فيه إلى تغيير النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية. ويريد وزير التعليم السعودي تغيير أساليب التدريس في المدارس والجامعات السعودية، من خلال استحداث الأجهزة اللوحية التفاعلية الجديدة، لتحل محل الكتب المدرسية.
لكن التحديات الماثلة أمام المملكة ليست داخلية فحسب، فإن التهديدات الخارجية تبدأ مع إيران. وولي العهد السعودي الجديد يعتبر إيران من التهديدات الوجودية للمملكة العربية السعودية، وهو عاقد العزم على وضع حد لها. ولقد رسمت المملكة العربية السعودية خطاً فاصلاً حاسماً في اليمن، عندما ارتأت الأيدي الإيرانية الممتدة لدعم المتمردين الحوثيين في الإطاحة بالحكومة الشرعية في البلاد (وكانت الرياض مقتنعة بأن إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما لن تعمل إطلاقاً ضد العدوان الإيراني هناك).
بالإضافة إلى ذلك، فإن المملكة العربية السعودية، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، مشاركة الآن في محاولة إجبار قطر على تغيير مسار سياسات التعامل المزدوج، كونها شريكاً مفترضاً لهذه الدول وللولايات المتحدة، في حين توفر أيضاً الدعم المادي وتستخدم كمنصة لجماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس وحركة طالبان والأذرع التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي.
لقد تقدمت الدول الأربع حتى الآن بقائمة تضم 13 شرطاً، من خلال الكويت التي تقوم مقام الوسيط الخليجي الموثوق مع قطر، وهناك بعض من هذه الشروط صعبة، مثل المطالبة بالتعويضات عن الأضرار التي نجمت عن السياسات القطرية، ولكن هناك شروط أخرى تعتبر معقولة للغاية.
على سبيل المثال، طرد أعضاء الحرس الثوري الإيراني من الدوحة، وقطع العلاقات مع الجماعات الإرهابية المختلفة، وإيقاف الدعم المالي للأفراد والمنظمات التي تعتبرها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وغيرهما من البلدان منظمات إرهابية.
وحقاً ألم يحن الوقت بعد لوقف دعم الشبكة الإعلامية التي تمنح المنبر المفتوح لشخصيات من شاكلة يوسف القرضاوي الذي تضفي فتاواه الشرعية على العمليات الإرهابية؟
لذا ينبغي على الإدارة الأميركية دعم الجهود الرامية إلى تغيير قطر من سياساتها.
لدينا مصالح مهمة في تحقيق التحول الناجح داخل المملكة العربية السعودية، وإيجاد الطريق الصحيح للعمل مع ولي العهد السعودي هو المنطلق المناسب للبدء في ذلك.
*خدمة «نيويورك تايمز»
TT
الطريق إلى السعودية الجديدة
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة