عقيل بوخمسين
TT

السعودية.. ما بعد الفوائض!

في تصريحاته الأخيرة لـ«الشرق الأوسط» نفى وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف أن تكون الحكومة في موقع المزاحم للقطاع الخاص، وقال إنها من عوامل قوته من خلال جعله أكثر ديناميكية. وأضاف أن الزيادة في الإنفاق الاستثماري الحكومي يجب أن تشجع وتحفز الإنفاق الاستثماري للقطاع الخاص.
لعلها إحدى المرات القليلة التي تدخل فيها تصريحات العساف إلى هذه المنطقة، وهي منطقة يكثر الحديث فيها حول الأطر التي تحدد العلاقة التكاملية بين الحكومة والقطاع الخاص.
أهمية هذه التصريحات تكمن في أنها جاءت من الرجل الذي يمسك بمفاتيح خزينة الدولة، ويعلم ما هو فيها، ويدرك ما لها وما عليها، ولم تأت من إحدى الوزارات الخدمية التي تشتبك من وقت لآخر في جذب وشد مع القطاع الخاص حول تقسيم الأدوار، وتقديم الخدمات.
العساف كان قد أبدى استغرابه في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي من حجم مساهمة القطاع الخاص في اقتصاد دول الشرق الأوسط، وقال إنه رغم سياسات الإصلاح الاقتصادي ودعم دور القطاع الخاص على مستوى المنطقة، فإنه لا يزال متواضعا، وحجم استثماراته ضئيلا.
هذا الاستمرار في التصريحات، يعكس، بلا شك، اهتماما بدور القطاع الخاص، ورفع مستويات إنفاقه، وذلك بعد أن اعتمدت مستويات النمو الاقتصادي في السعودية بشكل أساسي على تنامي الإنفاق الحكومي، المدعوم بارتفاع أسعار البترول.
ولأن أسعار البترول لن تبقى بهذه المستويات للأبد، فإنه بات من المهم التحرك لتعزيز مصادر الدخل الأخرى، ومنها دور القطاع الخاص وتهيئته لتسلم دفة الإنفاق الاستثماري.
صندوق النقد الدولي كان قد توقع في تقرير له، نشر في 2012، أن يقود التراجع في الطلب على البترول على المدى المتوسط، تراجعا في أسعاره، وبالتالي ستسجل الميزانية السعودية أول عجز لها في 2017 بعد أن استمرت في تسجيل الفوائض منذ عام 2009، الأمر الذي سيضعها أمام تحدي إكمال خطط التنمية.
وسواء صدقت هذه التوقعات خلال السنوات الثلاث المقبلة، أو حتى بعدها، فمن المؤكد أن الاقتصاد السعودي بحاجة لدور مؤثر يقوده «القطاع الخاص المحلي» بداية، فهو المطالب بأن يكون في الواجهة، وبإمكانه هو أن يجلب الشراكات الخارجية للبلاد عبر اتفاقيات شفافة تضمن حقوق جميع الأطراف.
ويعول على القطاع الخاص في رفع مساهمته التي لم تتعد بعد 58 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن القطاع الخاص مسؤول عن رفع معدلات توطينه التي تنحدر إلى 15 في المائة من قواه العاملة، بحسب آخر إحصائية لوزارة العمل.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة بإمكانها أن تكون جزءا من الحل، وتقوم بدعم عمليات الشركات الكبيرة، إلا أن هذه المنشآت تحتاج للتمويل، وتحتاج قبل ذلك لاحتضانها وتوجيهها من قبل الهيئات الحكومية والبنوك التجارية.