خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

هيوغو الظريف الساخر

الأديب الفرنسي الكبير فكتور هيوغو معروف لدى أكثرنا برواياته وأعماله الأدبية. غير أن القليل منا يعرفه كظريف منكت. قلما نفكر به كرجل حظي بروح نكتة نادرة تفجرت أحيانا في أدبياته الشهيرة، وترددت في حياته اليومية ومعاملاته الخاصة. لم يعتز الفرنسيون كما اعتزوا بهذا الشاعر والروائي النادر. أنعموا عليه بأعلى الدرجات وانتخبوه نائبا في المجلس الوطني. وأكرموا رفاته بدفنه في مبنى البانثيون عام 1885. ولكنه اشتهر أيضا بين الشعوب الأخرى على نطاق عالمي برواياته الخالدة مثل «البؤساء» و«أحدب نوتردام». من لم يقرأ رواياته شاهد على السينما والمسرح أعماله الفنية هذه وغيرها.
وكغيره من كثيرين من الأدباء، شعر بحجم هذا التبجيل الذي لقيه بين الأوساط الفكرية، فاعترته روح العظمة والاعتداد بالنفس. روى أبناء جيله كثيرا من تقليعاته في هذا الصدد. سأله أحد النقاد عن رأيه في الشاعر الفريد ديموسيه فقال إنه «شاعر موهوب كثيرا، ولكنه شديد الغرور بنفسه كثيرا. ولا يتورع عن الادعاء أمام أي كان بأنه شاعر في مثل منزلتي!».
وبالطبع بلغ أوج غروره في شعوره ببلاغة أدبه وأشعاره. حدث في أحد التمارين على مسرحيته «ماريون ديلورم» أن لفت نظره المؤلف الأول في المسرحية إلى إحدى الكلمات الواردة في النص من حيث إنها لم تكن كلمة فرنسية مطلقا، فأجابه هيوغو «ستصبح فرنسية الآن يا سيدي!».
ودخل فكتور هيوغو عالم السياسة، وتكلم فيها كثيرا وانتخب للمجلس الوطني عدة مرات. ولكن كثيرا من الناس انتقدوه على دوره في السياسة، فقد كان ساذجا ومتقلبا وضحل التفكير في الشؤون السياسية. وقف أحد النواب المغمورين في المجلس فتحدى الأديب الفرنسي الكبير وقال: «كفى. إن الأديب الرديء يجرنا إلى سياسة رديئة. فليخرج فكتور هيوغو من هذا المجلس».
ما كان من فكتور هيوغو غير أن وقف فخاطبه قائلا: «إذا كنت تعرف اسمي فأنا أجهل اسمك. فما هو اسمك يا سيدي؟» أجابه الرجل قائلا: إنه بوبوسون. فتابع هيوغو كلامه وقال: «هذا أكثر مما كنت أتوقع!»
ولا شك أن أوج غروره بنفسه قد بلغ ذروته عندما كان طريح الفراش يلفظ أنفاسه الأخيرة. وحينها استطاع أن يتمتم قائلا: «هيا بنا! لقد آن الأوان لأفرغ العالم!».
وكان لهيوغو صولاته في عالم الهوى والغرام. وذكر عنه كثير من ظريف القول في هذا الصدد. وقع نظره في إحدى الحفلات على امرأة حسناء شبكت على صدرها باقة من الأزهار الطبيعية. ولاحظت المرأة اهتمامه فقالت له إنه يوم عيدي. فأجابها: «كلا يا سيدتي إنه عيد باقة الزهور».
ساقته الصدف إلى أن يقع هو وابنه في غرام أليس أوزي. وكانت بالطبع تفضل الابن الشاب. أثار ذلك غيرته فكان كلما عاد ابنه من لقاء مع تلك الممثلة، حرمه الأب من أكل قطعة البفتيك.
وحدث أن اجتمع هيوغو بتلك الممثلة في إحدى السهرات، فبعث إليها ببطاقة تقول: «أنا أمنحك أي شيء تطلبين. سليني لأجيب. ماذا تطلبين يا قاسية القلب؟»، فأجابته على ظهر البطاقة: «أطلب منك أن تعيد لابنك قطعة البفتيك!».