سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

ماذا تعني عنترة؟ أفضل أن تسأل

هل خطر لك يوما أن تعرف ما معنى كلمة «عنترة»؟ ولا أنا. فلم تعد كلمة، بل صارت صفة ورمزا. فليس في السيوف أشهر من سيفه ولا في الخيول أعجب من الأبجر، ولا في كبريائه أكبر من النوم على الطوى، ولا في حبه أحب من ابنة عمه.
هل ما زلت تقرأ عن عنترة وله، بعد كل هذه السنين؟ وأنا أيضا. أقرأ له لأبحث في شعره وصوره عن الحداثة. وأستعيد في معلقته حكاية التحرر من العبودية المولودة، وكيف خلع عن وجهه لون بشرته، وكيف صار ابن أمة بطل العرب الأسمر، يدفع في الذاكرة كل فارس آخر؟
هل هو أسطورة أم تاريخ؟ مبالغة أم حقيقة؟ شعر موصول أم شعر منحول؟ هو كل ذلك. لكنه أولا وأخيرا هو الصورة التي رسمها لنفسه: جرأة فارس وأخلاق فارس وزهو من زهو العرب حتى في الجاهلية. تصور هذه الملحمة التي بطلها رجل واحد وراويها شاعر واحد، وقارنها بالملاحم الأخرى.
تعيد «دار رياض الريس للنشر» طباعة مؤلفات الشاعر الراحل جوزف نجيم، الذي كان أحد أبرز أساتذة الأدب العربي في لبنان، وتخرج عليه أدباء كثيرون، وكان يسحر تلامذته بشغفه للتراث الشعري. وفي الجزء الأول من المجموعة «العصر الجاهلي» يبدأ بعنترة بن شداد العبسي المضري، متجاوزا الترتيب الزمني في مراحل ذلك العصر. ويحدد مقتله عام 615 م من دون أن نعرف متى ولد وكم عاش.
لكن السؤال الذي لم يخطر في بالك لشدة اندهاشك بـ«هل غادر الشعراء»، يجيب عليه نجيم: «عنترة»، هي واحدة الذباب! لكن صاحب الاسم رفعه إلى النسور، فلم يعد أحد يبالي بماذا يعني، ولا لماذا أطلق شداد هذا الاسم على ابن الجارية التي سباها في الحبشة وأولدها أشهر الفرسان.
خلال قمة الفرانكفونية في بيروت اقترحت على وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة أن يهدي الرؤساء ملحمة «عنترة» بالفرنسية للشاعر شكري غانم، لأن معظم الرؤساء أفارقة، فليتعرفوا إلى المحرر.