بوادر الضربة العسكرية الأميركية بـ 59 صاروخاً من طراز توماهوك بدأت بعد مجزرة خان شيخون. التوقعات كانت أنها ستبدأ فجر الجمعة، والتصريحات المؤكدة والمشددة والمجددة لإدارة الرئيس دونالد ترمب كانت واضحة؛ نحن هنا. لسنا إدارة صاحب الخطوط الحمراء باراك أوباما.
وزير الخارجية الأميركي قال إن الرئيس عرض خياراته، وأنها 3 أحدها نفذته المدمرات البحرية في عرض البحر المتوسط حين استهدفت قاعدة جوية قرب حمص، يتوقع أنها مقر انطلاق الطائرات التي حملت الكيماوي لإبادة العشرات وإصابة قرابة 600 بالاختناق. لكن ما هما الخياران الآخران؟ يجري الحديث عن إمداد المعارضة السورية المعتدلة بأسلحة نوعية، وهو ما تحدث عنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مناسبات عدة، وخيار آخر هو فرض حظر جوي.
وسط هذه التوقعات، وردود الفعل تجاه الضربة الأميركية، تظهر التناقضات. تظهر تعريفات جديدة لمعنى العدوان والإنقاذ. هناك من يرى في الاحتلال الإيراني لسوريا والتدخل العسكري الروسي إنقاذاً، بما في ذلك إبادة أهالي حلب ومن ثم الانتقال لريف إدلب لعملية إبادة أخرى، كل ذلك يجوز في ظل تصوير النظام وميليشيا حزب الله أن الشعب السوري هو عبارة عن «دواعش» ، تماماً، كما يقول علي عبد الله صالح والحوثي للشعب اليمني. انتبهوا من «الدواعش».
سقطت الشعارات القديمة، محاربة الامبريالية. كل الأوهام التي تستخدم لدغدغة عواطف الشعوب أصبحت اليوم مثار ضحك. القوميون العرب في بعض البلدان يرون في أميركا عدواً دائماً، وفي روسياً حالياً صديقاً حميماً. المصالح تحدد العدو والصديق. اليوم إبادة بمختلف الأسلحة، تفنن النظام السوري فيها بدعم من أصدقاء الجريمة. البراميل المتفجرة، غاز السارين، وأشياء أخرى. كل ذلك لا يسمى تدميراً، ولا اعتداءً. بشار الأسد يرى في ذلك دفاعاً عن النفس، وحزب الله يرى أنها تأمين لخطوط تهريب السلاح وما يأتي مع السلاح مما يغذي اقتصاد الميليشيا.
انقسم الشارع العربي كعادته. العاطفة تحرك ردود الفعل. لكن الترحيب بتدخل واشنطن أكثر من الغضب. لم يعد الصمت مجدياً، ولا انتظار الفرج. جاء رئيس جديد كان يظنه العالم غير جديا، ليأتي مدشناً عهداً جديداً في توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط بعد أن ضرب سلفه صوراً في التخاذل، ورسم الخطوط الوهمية، لنظام دمشق.
لا جنيف ولا آستانة، ولا استسلام لشائعات العلاقة المشبوهة بين واشنطن وموسكو، أو الارتهان والارتكان لقيود وهمية يصنعها إعلام اختار معاداة الرئيس، أو فلاديمير بوتين اختار ترمب رئيساً لأميركا، عبر الاختراق الإلكتروني. التخلص من القيد يكون بالانطلاق نحو عكسه، والتحرر من آثاره.
باختصار، ترمب فاجأ الجميع، وقفز فوق تكاسل مجلس الأمن، بوثبة فعل. قلق إيران في سوريا أن تجمعاتها لن تكون في مأمن، وكذلك الميليشيات التي جلبتها من لبنان وأفغانستان والعراق. النجباء تحولوا منذ فجر الجمعة الجاري إلى جبناء. مجلس الأمن يجتمع مجدداً، واشنطن أوفت بوعدها من أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث. والعالم على موعد مع أيام ساخنة، وقلة يرون أن ما حدث رسالة، لن تقوم واشنطن بعدها بشيء، حتى يأتيها الرد، أو تجدد المراسيل والمكاتيب وتوماهوك وكروز.
8:2 دقيقه
TT
ترمب فاجأ العالم !
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة