مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

لماذا خلع الشرطي ملابسه؟!

عادت أنشط لصة في بريطانيا إلى السجن مرة أخرى بعد أن نفذت سرقتها التاسعة والأربعين بعد المائتين.
ألا وهي مدام (روسيل) صاحبة السجل الجنائي المذهل الذي يمتد لأكثر من ثلاثة عقود. وقال القاضي بول غلين مخاطبًا روسيل: لقد كنتِ مواظبة على خرق القانون منذ أن كنتِ في الثانية عشرة من العمر وقد تمت إدانتك 248 مرة.
واستطرد القاضي غلين في توبيخ روسيل قائلاً: لم يسبق لي أن رأيت امرأة لديها مثل هذا السجل الحافل بالإدانات، الغالبية العظمى من الجرائم التي ارتكبتِها متعلقة بخيانة الأمانة والسرقة.
وكانت روسيل في آخر جريمة لها قد استهدفت متسوقة في «ماركس أند سبنسر» وتمكنت من سرقة حقيبة يدها التي احتوت على هاتفها ومبلغًا نقديًا وأوراقها الثبوتية بما في ذلك رخصة القيادة وبطاقات السحب الآلي ومفاتيح السيارة والمنزل. وتم التعرف على روسيل السارقة من الصور التي التقطتها لها الكاميرات الأمنية في المتجر وألقي القبض عليها بعد ذلك بأسابيع.
وفي ظني أن السرقة هي (كالكذب) تكون في البداية هواية ثم تصبح عادة، وفي النهاية تتحول إلى إدمان.
وأكبر دلالة أن هناك أناسًا أغنياء ومكتفين، ومع ذلك لا يتورعون عن السرقة إذا واتتهم الفرصة. وليس شرطًا أن ما يسرقونه غال أو نادر، ولكنهم قد يسرقون أي شيء، لأن حب السرقة يجري في عروقهم مجرى الدم.
والأمثال في هذا المجال كثيرة، ولو أن الأمر متاح لضربت الأمثال بالأسماء والألقاب أيضًا، بل إن بعض هؤلاء اللصوص يشار لهم في المجتمع بالبنان والتقدير والاحترام كذلك. ورحم الله اللص الشهير الظريف (أرسين لوبين)، الذي لا يعد بجانبهم إلا أن يكون لصًا غشيمًا يضحكون عليه. وليس كل اللصوص أذكياء، فمنهم أيضًا أغبياء مثل السيد (إيلاي) الذي ارتكب سرقة في مدينة (ديترويت) بأميركا سنة 1968، ونسي المغفل من حماسته كلبه المربوط في مكان الجريمة، وبعد قليل وصلت الشرطة، ففكت بكل بساطة الكلب من رباطه، وتبعته وهو يهرول حتى وصل إلى باب منزل صاحبه، وأخذ ينبح له وكأنه يبشره، وما إن فتح الباب حتى وجد رجال الشرطة يبتسمون بوجهه، ومن دون سلام أو كلام وضعوا (الكلبشات) بيديه. وإليكم حادثة أخرى: فعندما استشرت السرقات في أحد نوادي كرة المضرب، تدخلت شرطة (دونكاستر)، ووضعت كاميرا بين خزائن الثياب.
وعندما استعرضوا الفيلم، لاحظ رجال الشرطة أن الشيء الوحيد الذي تمكنوا من تصويره هو زميل لهم يهيم في كل اتجاه (مثلما ولدته أمه)، مفتشًا عن ثيابه المسروقة.
الذي حير المسؤولين وحيرني ليست هي السرقة بحد ذاتها، ولكن هو: لماذا خلع الشرطي ملابسه؟!