أليساندرو دي كالو
TT

دييغو مارادونا.. شمس لا تغيب

مارادونا هو أنشودة الحياة، وتكفي رؤيته عندما يأتي لجريدة «لاغازيتا ديللو سبورت» لمعرفة أنه لا يزال يستحق لقب «إله»، حيث اجتذب الكبار والشباب والألتراس والمديرين والأمهات المتأثرات ومن ينتظره لكي يهتف له بكلمة حب. ولا يزال دييغو يحتفظ بلمسته العميقة ويحول ظهوره إلى حدث، فقد تقدم في العمر من دون أن يشيب. ويبدو أن لديه شيئا مختلفا.
ويبدأ اختلاف مارادونا في قياس الوقت، وقته هو ووقتك أنت، لأن وقته يشبه فرضية قادر على إطالتها أو إيقافها أو تفكيكها لقطع صغيرة، تاركا لك مهمة تجميع الأحجية المكونة من دقائق وساعات وشهور وسنين. وما يخرج من هذا التقسيم يشبه المضارع المستمر الذي يستحضر في نفس اللحظة الحيوات الثلاث أو الأربع التي عاشها دييغو مع حياتك التي تعيشها من جهة أخرى. ومثل نجوم الروك، لدى مارادونا شطحاته وجنونه. وكما رأينا بالأمس إذا كنت مشجعا لنابولي أو بوكا تكون حماستك أعلى بوضوح. لكن إذا لم تكن كذلك أيضا عندما تشاهد هدفا لمارادونا كأنك تتحدث وتسمعه عندما يحكي بنبرة صوته. ولو كان مستمرا في اللعب في نابولي حتى الآن كان بابا الفاتيكان الأرجنتيني فرانشيسكو ليشجعه كما قالها بتورٍ وقناعة، لأنه من مشجعي بوكا القدامى.
وعندما بلغ منتصف العمر ويقسم برأس حفيده بنيامين، لا يزال يشبه بيتر بان، ومعه رفيقة تبدو زوجته كلاوديا في الصغر، ويستمتع بقول إن الحقيقة يقولها المجانين والأطفال. ويروقه دائما إدهاش الجميع وإثارة الحماسة. لكن عندما تظن أنك وضعته في فئة محددة أو وصفته في الإطار الجديد، يهرب مارادونا للجهة الأخرى بالتظاهر والمراوغة والانطلاق. ومضت 16 عاما على آخر مباراة لعبها، وفي هذه الأثناء ازداد وزنه، وتعاطى مخدرات، وأقلع عن الإدمان، وكان مرتين بين الحياة والموت، وولد من جديد، وقام بتدريب منتخب الأرجنتين، واعتزل في المنفى الذهبي في دبي.
وربما لم يكن أحد ببراعته في كرة القدم، لكن هذا لا يفسر شعبيته التي لا تأفل شمسها. على الرغم من ارتفاع نجم ميسي ورونالدو وبالوتيللي، ومن أهمية المباريات الجارية، تنتزع بطولة مارادونا الأضواء. وعلى هذا النحو يستمر أثر «يد الله» وقدمه. ولن يكون هناك فارق إذا كان ما نظنه فيلما في الواقع هو حياتنا.