كاترينا فاندن هوفيل
TT

نساء تقدميات يكافحن لهزيمة ترامب

مع تسليط الأضواء على آراء دونالد ترامب المنتقصة من مكانة المرأة، قد يصبح للديمقراطيين سلاح سري بجانبهم، من الآن وحتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ولكن ذلك السلاح لا يتمثل في «كارت المرأة» كما يطلق عليه ترامب، بل في النساء التقدميات فعليًا ممن سيخضن سباق الانتخابات عبر أنحاء البلاد.
وإن كان مسعى هيلاري كلينتون لأن تصير أول امرأة تتولى منصب رئيسة الولايات المتحدة يحظى باهتمام بالغ في وسائل الإعلام، فثمة مئات أخريات من المرشحات يترشحن لمناصب تشريعية عام 2016. وعلى الرغم من أن السيناتور بيرني ساندرز أصبح محط الإعجاب بإلقائه الضوء على الظلم الأساسي المتمثل في أنظمتنا الاقتصادية والسياسية المتهرئة، فكثير من النساء الملهمات أمثال «زفير تيتشاوت» و«براميلا جايبال» و«لوسي فلورز» سيخضن الانتخابات التشريعية على مستوى البلاد تحت عباءة الشعبوية التقدمية. واللافت أن ساندرز نفسه قد أيّد ودعم السيدات الثلاث في الانتخابات التمهيدية القادمة، بوصفهن حليفات مهمات في معركة إحداث التغيير التقدمي.
وتيتشاوت، التي تترشح على مقعد بمجلس النواب عن دائرة هدسون فالي في نيويورك، ذات خلفية مشابهة لمرشحة تقدمية أخرى تدعى السيناتور إليزابيث وارن (سيناتور في مجلس الشيوخ الأميركي من ولاية ماساتشوسيتس. وعضو في الحزب الديمقراطي). وكنظيرتها، كانت تيتشاوت أستاذة جامعية مرموقة وناشطة تقدمية قبل أن تتجه إلى السياسة، فبفضل كونها أستاذة قانون بجامعة فوردهام يُنظر إليها على نطاق واسع، باعتبارها مرجعا بمجال مكافحة الفساد السياسي وقضايا مناهضة الاحتكار، وقد ذاع صيتها في ذلك المجال منذ عملها خبيرة في الاستراتيجية الرقمية في الحملة الانتخابية الرئاسية لهاوارد دين عام 2004. كما كانت مناصرة عتيدة للانتخابات الممولة علانية، واستشهد قاضي المحكمة العليا السابق جون بول ستيفنز بعملها الأكاديمي، خلال اعتراضه على الحكم الصادر في قضية مؤسسة «المواطنين المتحدين».
وشهد عام 2014 أول مغامرة لها في عالم السياسة، حيث كانت مرشحة في انتخابات تمهيدية أمام أندرو كومو حاكم ولاية ماساتشوسيتس آنذاك، الذي تلقى دعمًا من كثيرات، ومن بينهن هيلاري كلينتون. وقد انضمت إلى الحركات الشعبية في الدولة مما عزز فوزها بأكثر من ثلث الأصوات.
وبعد مضي عامين، بَنت تيتشاوت على ذلك النجاح وترشحت بوصفها شعبوية تقدمية على خطى «وارن» و«ساندرز» في ولاية طالما سيطر عليها الجمهوريون منذ عام 2011. وتمكنت تيتشاوت، حتى الآن، من جذب آلاف من صغار المتبرعين، حيث ضمت قائمة مؤيديها «حزب الأسر العاملة»، ولجنة حملة التغيير التقدمي، وقائمة إميلي، والسيناتور كيرستن غيليبراند (نائب عن ولاية نيويورك، وعضو في الحزب الديمقراطي).
وبالمثل كانت براميلا جايبال، الناشطة التقدمية الرائدة لأكثر من عقد في سياتل بولاية واشنطن. إذ أسست جماعة «المنطقة الخالية من الكراهية»، والتي صار اسمها الآن «ون أميركا»، من أجل مناهضة ردود الفعل العنيفة ضد المسلمين والمهاجرين، عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول).
وجايبال المناصرة القوية لقانون إصلاح نظام الهجرة الذي اقترحه جورج بوش، إضافة إلى كونها مهاجرة هندية المولد، وهي أيضًا من صاحبات الباع الطويل في الكفاح من أجل قضايا البيئة والعدالة الاقتصادية طوال حياتها المهنية. فمنذ أن انتخبت في مجلس الشيوخ الأميركي عام 2014، دعمت جايبال تشريعات رفع الحد الأدنى للأجور بالدولة، وتوفير عامين خاليين من الرسوم الدراسية الجامعية، وإعطاء حق التصويت المبكر للمراهقين من حاملي رخص القيادة.
جدير بالذكر أنها تترشح لشغل المقعد النيابي خلفًا للنائب المتقاعد جيم ماكديرموت، ومن أقوى مؤيديها النائب كيث إليسون، ومجموعة من العماليين ومنظمات المرأة والمنظمات التقدمية.
أما في ولاية نيفادا، تغلبت مرشحة الكونغرس «لوسي فلورس» على فرصها الضئيلة في مسيرتها المليئة بالصعاب في السياسة. فعندما كانت مراهقة فقيرة في لاس فيغاس، كانت قد وُضعت تحت المراقبة بعد إطلاق سراحها وقامت بعملية إجهاض وتركت المدرسة. إلا أنها ورغم ذلك تمكنت من اجتياز اختبار تطوير التعليم العام، وصارت محامية وفازت بمقعد في المجلس التشريعي عن الولاية، في وقت لم تتجاوز فيه عامها الـ31. وبوحي من تجربتها الشخصية، انخرطت فلورس في الدفاع عن ضحايا العنف المنزلي من كونها عضوا في مجلس النواب، وأُصدر قانون يسمح لضحايا العنف المنزلي من السيدات بإنهاء عقد إيجار المسكن دون عقوبة. وفي عام 2014، لم تنجح في مسعاها للفوز بمنصب نائبة حاكم الولاية. وفي الانتخابات التمهيدية أمام كثير من المرشحين، حازت فلورس تأييد أكثر الجماعات التقدمية.
وبإيجاز شديد، يمثل ثلاثتهن كل شيء مغاير لترامب. ففي تناقض صارخ مع كل ما يمثله ترامب من مزيج خسيس من الجهل والترهيب المتعصب، تُعد أولئك السيدات مفكرات جادات وباحثات عازمات، كرسن حياتهن العملية للدفاع عن الفقراء والأقليات الدينية والعرقية، وأعضاء المجتمع المعرضين للحرمان من المشاركة في العملية السياسية. وفضلاً عن ذلك، فهن أعضاء فخورات بصعود «جناح وارن» في الحزب الديمقراطي. وهو جزء من الجيل الجديد من القادة المدركين لأهمية بناء بنية تحتية تقدمية على المستوى المحلي والقومي من أجل إحداث تغيير دائم.
وعلى الرغم من أنهن لا يمثلن سوى عدد ضئيل من بين كثير من النساء، بما في ذلك ذوات البشرة السمراء، المناضلات من أجل تغيير وجه الكونغرس، ينبغي أن يكون ترشحهن بمثابة تذكير بأن البيت الأبيض ليس وحده المهدد بالخطر عام 2016، بصرف النظر عن أهمية منصب رئيس الولايات المتحدة.
وكغيرها من الانتخابات في التاريخ الحديث، تتمحور هذه الانتخابات حول ماهيتنا كدولة. ولأجل ذلك من المهم جدًا بالنسبة للديمقراطيين والتقدميين أن ينظموا صفوفهم ويحشدوا خلال الخمسة أشهر المقبلة، إذ إن هزيمة ترامب لا تقتصر على إبعاد شخص واحد عن المكتب الرئاسي، بل أيضًا تتمثل في انتخاب قادة مثل تيتشاوت وجايبال وفلورس، اللاتي سيكافحن دون خوف من أجل هزيمة كل ما يمثله ترامب.
*خدمة: «واشنطن بوست»