هاهو عام جديد يبدأ ليطوي آخر مضى، ووسط آلاف الأسئلة الحائرة التي تطارد ذهني دون إجابة شافية، على غرار الجملة الشهيرة للفنان عمرو عبد الجليل في حملة أحد أنواع الشاي: "أسئلة مالهاش إجابة"، يبقى سؤال ربما يمثل لي أرقا من نوع خاص، خاصة أن صاحبة الموضوع تقتحم كل أنواع وسائل التواصل الاجتماعي التي أتابعها دون أدنى استئذان.
فمنذ سنوات أريد أن أتوجه إلى الأستاذة كيم كاردشيان سائلا، وقد تقمصت شخصية الفنان الراحل عادل أدهم: "إنتي بتشتغلي إيه يا قطة؟". الأمر لا علاقة له بـ"حقد" على شهرتها، فهناك مثلا "الأخ" جاستين بيبر الذي ينافسها شهرة بذات القدر من الهوس، لكني أعلم على الأقل أنه مغن وله جمهوره، ورغم أن طيفه الغنائي لا يروقني، لكن في النهاية هو "فنان" وليس حكمي عليه هو نهاية المطاف؛ بل ربما أسمعه ذات يوم ويعجبني فنه.
أما الأخت كيم، والتي لا تكف وسائل الإعلام والتواصل عن ذكر ليس فقط أخبارها؛ بل أخبار زوجها وأبنائها وشقيقاتها وأمها وزوج أمها، أعني من "كانت" زوج أمها (ولا خطأ إملائي هنا).. لكنني لم أسأل أحدا وأجابني إجابة شافية عن سر هذه الشهرة.
نعم كانت يوما ما عارضة أزياء، لكن لماذا ما يزال العالم متابعا لها بهذا الشغف؟ يقول البعض إنها جميلة، لكن هناك ملايين أجمل منها.. يقول البعض إن أخبار هذه العائلة مثيرة، ولكن هناك أخبار أخرى أهم وأكثر طرافة وإثارة، كما أن عالمنا سواء الغربي أو العربي مليء بما يكفي من الجديد كل يوم.. فلماذا هذا الشغف يا سادة؟
أعلم أن المرجعية الأولى في الشهرة هي ما يقال عنه "الكاريزما" (وترجمتها الجاذبية أو السحر الشخصي)، وهو جزء من الرزق ربما يصيب البعض؛ وربما يجري خلفه آخرون طيلة عمرهم دون اللحاق به، لكني أحاول أن أفهم "سر الخلطة" لعل وعسى.
وعلى ذكر الفنان الكبير عادل أدهم، فالغريب أن الرجل لم يحظ بالدور الأول في السينما إلا مرات أقل من أصابع اليد الواحدة؛ رغم أنه -من وجهة نظري- يعد أحد عباقرة التمثيل الذين شهدتهم السينما العربية قاطبة.
يكفي لمعرفة حجم موهبة عادل أدهم أن تقارن في ذهنك بينما يمثل طيفا يمتد من شخصية "زكي قدرة" في فيلم "السلخانة"، مرورا بشخصية "عزيز" في "حافية على جسر الذهب"، وشخصية دون اسم ولم تنطق حرفا في "المجهول"، وصولا إلى "الدكتور عزمي" في "سوبر ماركت"، ويقنعك تماما بأنه "كل واحد من هؤلاء".. ليس هذا فقط، ولكن ربما يكون عادل أدهم هو الفنان الوحيد الذي يمكن أن تتذكر شخصيته ومقولاته من "صورة ثابتة" وليس مشهدا كاملا، وذلك نتيجة لتنوع وعمق أدائه واختلاف اكسسواراته شكلا وموضوعا؛ بعيدا عن أفلام بداياته التي حصره فيها المخرجون في دور "الوغد - الجنتلمان -الصعلوك" لفترة. لكنه تألق بعدها وانطلق، ومع ذلك ظلت البطولة المطلقة حلما بعيد المنال عن الرجل، لم يحققها إلا مرات قليلة لا تواكب حجم موهبته.
لكن في نهاية المطاف.. ورغم كل شيء؛ يجب أن نتفاءل مع مطلع العام الجديد، فرغم الفارق الرهيب في الشهرة بين كيم كاردشيان وعادل أدهم؛ إلا أن الناس ستنسى الأولى يوما ما، بينما سيظل الثاني نتيجة كده وعمله الدؤوب محتفظا بمكانته الكبيرة في قلوب وذاكرة الناس. فلا تبتئس إن لم يكن لديك بريق وكاريزما النجوم؛ وأعمل فإن لكل مجتهد نصيبا وإن ظن أن عمره ضاع "في الظل". أما أنا، فأظنني سأظل أفكر حائرا لسنوات في "سر القطة".
8:37 دقيقه
TT
صنعتك إيه «يا قطة»؟
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة