محمد مصطفى أبو شامة
كاتب وصحافي مصري
TT

ليس دفاعًا عن صاحب «عزازيل»

لا أحب إبداعات الروائي والكاتب المصري يوسف زيدان، ولا تستهويني أفكاره في معظمها.. قرأت له وقرأت عنه كثيرًا، فهو من نجوم هذا الزمان، ولا يليق بعاقل أن يترك مشاعره فقط تسوقه فيما يقرأ وفيما يرفض، فحق الجميع علينا أن نقرأهم جيدًا قبل أن نرفضهم أو ندخل في زمرة قرائهم ومريديهم.
وتربطني بأستاذ التراث والمخطوطات يوسف زيدان صداقة «فيسبوكية» منذ سنوات.. أتابع عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي الأبرز والأكثر رواجًا في مصر، أفكاره وأخباره وتعليقاته وحواراته مع عشاقه وأصدقائه وتلاميذه، وهم كثرة نحسده عليها، وأغلبهم من الشباب المثقف المجتهد الباحث عن الحقيقة، وهي نقطة التلاقي الجوهرية التي تميز أسلوب زيدان ومنهجه الفكري، فهو باحث جاد وقدير، وربما تكون ثقافته بصفته باحثًا تراثيًا هي البوابة السحرية التي دخل منها زيدان إلى فضاء الأدب، وتألق.
وفي الأيام الأخيرة، مدعومًا بهذا التراكم المعرفي، ومعه ما يميز شخصية المبدع من جنون وجموح وإبحار ضد التيار السائد من أفكار ومعتقدات ألفها الناس وقدسوها، دخل أديبنا المخضرم معركة فكرية شرسة، تابعت بعضها وتأملت صداها في المجتمع، سعيدًا بها، غير مهموم بتفاصيلها ولا موضوعها.
فالعلم له أهله الذين يبحثون بين دروبه، وللدين رجاله يجتهدون في شروحه، ولنا أن نقرأ ونسمع ونتعلم ونفهم ونختار ما يروقنا من بين فيض اجتهادات مطروحة لا يجبرنا أحد على اعتقاد أو ترديد أي منها، ما دام الحوار والشجار في مساحات سمح بها ديننا الحنيف وأطلق لنا فيها فريضة أن نجتهد وأن نختار.
إن هذه المعارك الفكرية الجميلة، ومثيلاتها، مفيدة ومهمة لإعادة بناء العقل المصري والعربي، فهي تزيد خصوبة تربتنا الفكرية التي أصابها العطش، فأمست بوارًا متصلاً بسبب كسل الباحثين والمفكرين عن أن يجتهدوا ويختلفوا، أو رعبهم من إرهاب بعض رجال الدين لكل من يقول قولاً جديدًا أو يطلق فكرة مختلفة.
لا تنزعجوا على «الأقصى» ولا تخشوا على قضيتنا «الكلامية» الأولى «فلسطين»، فلهما رب يحميهما، لا انتقاصًا من مشاعر جياشة تربطنا بالقدس، ولا تقليلاً من كفاح أهلي وإخوتي في فلسطين «شعب الجبارين» - أعرق الشعوب العربية في نضالها المشروع - بل تنزيهًا لهذه المشاعر وتخليدًا لهذا النضال بعيدًا عن معارك المفكرين وتجلياتهم.
ولكن انزعجوا فقط.. وانفجروا أيضًا، عندما يمنع أو يحرم أحدكم من حرية التفكير والتعبير، فهما قدما كل ضمير، بهما تنهض الأمم وتستنير.