محمد رُضا
صحافي متخصص في السينما
TT

هي فوضى فعلاً

استمع إلى المقالة

> «هي فوضى»، عنوان فيلم الراحل يوسف شاهين الأخير. فيه عرض أحوالاً لأشخاص في السلطة وخارجها تنتقد وضعاً قائماً. ذهب الفيلم وتوفي صاحبه لكن العنوان بقي ليصف حالات غريبة يمر بها العالم من دون هوادة.

> كل واحد صار ناقداً على النت لمجرد أن لديه رأياً يبديه. كل شخص بات مخرجاً عالمياً لأن فيلمه عُرض في مهرجان لم يسمع به أحد. كل ممثل صار «نجم الجمهور» لنجاح فيلم واحد له تجارياً. أليست هذه فوضى؟

> الإنجازات التقنية في السنوات العشرين الماضية رائعة وتخدمنا على أكثر من صعيد. لكن هناك جوانب سلبية كثيرة تتسلل من خلالها إلى المفاهيم. ماذا يعني أن طفلاً في الخامسة لديه هاتف صغير يتسلى به؟ ولماذا عند الدخول إلى قطارات «الأندرغراوند» أو عند صعود الحافلات يمشي البعض رويداً رغم الزحمة لأنه يبحث في هاتفه عن صورة أرسلت إليه (أو إليها)؟ ثم ماذا عن ذلك الذي يعترف بأنه لم يقرأ كتاباً واحداً خلال السنوات العشرين ذاتها؟ أو ذاك الذي يقول لك إنه لم يعد يعرف كيف يعيش من دون تقنيات اليوم؟ أليست هذه فوضى؟

> هذه ليست أمثلة بل مشاهدات. ليست مجرد نماذج، بل وقائع. فوقها حقائق مقلقة عن محاولة تسييس المثلية وفرضها على المجتمعات المحافظة. طرد لاعب مصري من نادٍ إسباني لأنه رفض الموافقة على ترويجها. أشخاص في الغرب يجرون عمليات تغيير جنسي ثم يعترفون بالخطأ (حدث ذلك في الشهر الماضي في آيرلندا) ومنع الكتب الدينية من بعض المدارس الغربية بدافع حريّة التعبير.

> فوق ذلك، هناك ذلك الإنجاز المقلق: صندوق عجب يستطيع أن يكتب مقالتك أو كتابك أو السيناريو الذي لا تستطيع كتابته بمفردك وما عليك سوى كتابة اسمك عليه وتقبض الثمن.

> هي فوضى فعلاً، خصوصاً إذا ما شطح المرء وتناول كل ما يعج به العالم اليوم من حالات وظروف ومشاكل تسودها كل قليل مشاكل أخرى ما يغطي على تلك السابقة. هي فوضى فعلاً