زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

حول النشاط الأثري في السعودية

بدأ النشاط الأثري لبعثات التنقيب الأجنبية في المملكة العربية السعودية في منتصف القرن الميلادي الماضي. وإن كانت هناك عدة محاولات سبقتها في صورة أعمال وصفية لرحالة ومستشرقين لا ترقى إلى أعمال البحث الأثري لكونها قد اقتصرت على وصف الأطلال والآثار القائمة فوق الأرض. ومن المهم أن نعرف أن كتابات المستشرقين والرحالة الأوائل كانت من أهم أسباب لفت الأنظار إلى آثار شبه الجزيرة العربية، وأن هناك تراثاً عريقاً مدفوناً أسفل رمال تلك الصحاري المترامية في انتظار أن يتم الكشف عنه. وكان من أشهر المستشرقين الأجانب، بل وأهمهم وهو أول أجنبي يقوم بقطع صحراء الربع الخالي من الشرق إلى الغرب، هو المستشرق جون فيلبي أو المعروف بالشيخ عبد الله فيلبي، بعد أن أشهر إسلامه، وقد كان له دور سياسي وثقافي مهم في شبه الجزيرة العربية.
كانت بعثة الآثار الرسمية الأولى في السعودية هي البعثة البلجيكية التي قامت بالكشف عن عدد من المواقع الأثرية في جنوب المملكة وغربها بين عامي 1951 و1952. وقد أخرجت لنا أول أعمال الكشف والتسجيل الأثري وتصوير العديد من مواقع الفن الصخري بالمملكة. وقد تبعتها بعثة الآثار الدنماركية تحت إشراف الجيولوجي جفري بيبي، وقد امتدت أعمال المسح الأثري لتشمل مناطق شاسعة في المملكة العربية السعودية امتدت من تاج في المنطقة الشرقية إلى قرية الفاو بوادي الدواسر في المنطقة الوسطى.
وخلال الأعوام من 1962 حتى 1967م، قامت البعثة الكندية التابعة لجامعة تورنتو برئاسة فريدريك وينست بأعمال التنقيب والمسح الأثري في شمال المملكة العربية السعودية، وذلك بغرض القيام بأعمال التسجيل للشواهد الأثرية السطحية من فخار وأحجار منقوشة وكتابات تاريخية وغيرها. وقد تلتها البعثة الإنجليزية من معهد الآثار بجامعة لندن التي قامت هي الأخرى بأعمال مسح أثري مهم في شمال غرب المملكة.
ورغم قلة عدد البعثات الأجنبية في ذلك الوقت، فإنها كانت الأساس الذي بنيت عليه أعمال التنقيب والمسح الأثري بعد ذلك. ولا يمكن إهمال دور العلماء والباحثين السعوديين الأوائل، فرغم قلة أعدادهم فإنهم استطاعوا إرساء اللبنات الأولى للحفاظ على التراث الأثري السعودي ولفت الأنظار إلى أهميته وأهمية الحفاظ عليه للأجيال القادمة وتنشئة جيل من الباحثين السعوديين قادر على منافسة العلماء الأجانب في مجال التنقيب والمسح الأثري والنشر العلمي لمخرجات العمل الأثري.
ويعد الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري من أوائل علماء الآثار والمؤرخين السعوديين، وأسهم في تطوير الدراسات الأثرية في جامعة الملك سعود، وإنشاء كلية التاريخ والآثار بالجامعة التي حملت عبء تشجيع الطلبة على الدراسات التاريخية والأثرية من خلال الرحلات الميدانية والمحاضرات. وتعد حفائر الدكتور الأنصاري في الفاو من أهم أعمال التنقيب الأثري التي أسهمت في التعريف بأهمية الدراسات الأثرية في الجزيرة العربية.