عندما تتابع نشرة الأخبار المسائية سيتضح لك على الفور أن الأميركيين يعانون من آثار التغييرات المناخية، ذلك أن درجات الحرارة الشديدة والجفاف يؤثران على عشرات الملايين من الناس، في الوقت الذي تدمر الفيضانات وحرائق الغابات مجتمعات مختلفة من أبالاتشيا حتى كاليفورنيا. وفي الأيام المقبلة، يحظى الكونغرس بفرصة لمواجهة أزمة المناخ، مع تعزيز أمن الطاقة في بلدنا، وخلق فرص للشركات، وتحسين حياة الأميركيين. ولا يمكننا تحمل إهدار هذه الفرصة.
وربما يكون قانون تقليص التضخم لعام 2022 أهمَّ جزء من التشريعات المعنية بالمناخ في التاريخ الأميركي، ذلك أنه يمثل أفضل فرصة لنا لبناء مستقبل للطاقة يكون أنظف وأرخص وأكثر أماناً.
ويستحق كل من السيناتور تشاك شومر من نيويورك، وجو مانشين من ويست فرجينيا، الكثيرَ من التقدير لنجاحهما في التوصل إلى اتفاق حول هذا القانون، مثلما فعل عدد لا يحصى من الآخرين. لقد تعرفت على عديد من قادة الأعمال والنشطاء من خلال «بريكثرو إنرجي»، المؤسسة المعنية بالمناخ التي أنشأتها عام 2015 من أجل إسراع وتيرة جهود الانتقال بمجال البيئة، وقد عملوا جميعاً دونما هوادة على امتداد عقود للوصول إلى هذه اللحظة.
ومع أن التشريع سيمرَّر على ما يبدو، يبقى النجاح أمراً غير مضمون، لذلك من الضروري الاستمرار في الضغط لصالحه. واسمحوا لي أن أشرح السبب وراء ذلك.
في الواقع، كثير من التقنيات التي سنحتاجها للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية غير موجودة، أو ما زالت في مراحل مبكرة من التطوير، أو لا تزال باهظة الثمن، بحيث يتعذر توسيع نطاق الاستعانة بها. في الوقت نفسه، يجب نشر تقنيات أكثر نضجاً، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بسرعة أكبر في مزيد من المناطق. ومن خلال ائتمانات ضريبية جديدة وموسعة ونهج طويل الأجل، سيضمن مشروع القانون هذا أن الحلول المناخية المهمة تحظى بدعم مستدام يمكنها من الدخول إلى صناعات جديدة.
كما ستوفر هذه الحوافز الثقة للقطاع الخاص للاستثمار على المدى الطويل. وسيبدأ هذا التشريع في إحداث تحول قطاعات من اقتصادنا، والتي تتسم بالقدر الأكبر من الصعوبة فيما يخص التخلص من الانبعاثات الكربونية منها، مثل التصنيع، الأمر الذي يتعيَّن علينا فعله للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.
في الوقت الذي يواجه فيه كثير من الأميركيين انقطاع التيار الكهربائي في الصيف، ونقص الطاقة، وفواتير الكهرباء المرتفعة، فإن هذه الإجراءات من شأنها أن تساعد في بناء شبكة طاقة حديثة، ويمكن الاعتماد عليها حتى يتمكن الجميع من الوصول إلى طاقة نظيفة وفيرة وبأسعار معقولة.
من خلال هذه الحوافز والاستثمارات، من شأن مشروع القانون أن يحفز حقبة جديدة من الابتكار الأميركي. ولا تزال قدرة الجامعات والصناعات الأميركية على الابتكار لا يعلَى عليها، ومع ذلك فإنَّ الدولة تخاطر بالتخلف عن الركب في خضم تنافسها مع دول أخرى لبناء اقتصادات تقوم على الطاقة النظيفة الخاصة بها. وسيساعد مشروع القانون هذا في تحويل ابتكارات الطاقة الأميركية إلى صناعات طاقة أميركية، وفتح فرص اقتصادية ضخمة في سوق الطاقة. وحال تمريره وتحوله إلى قانون، سيكون لدى عدد قليل من الدول القدرة على إنتاج طاقة نظيفة محلية مثل الولايات المتحدة. ويمكن لها أن تصبح سريعاً رائدة في نشر الطاقة النظيفة.
من ناحيتها، تبدو الشركات الأميركية مستعدة لهذا التغيير. لقد تحدثت مع قادة الشركات الذين يتوقون إلى قيام الحكومة بالتحرك في هذا الاتجاه. وأطلق كثيرون تعهدات كبيرة بشأن المناخ، واستثمروا مبالغ كبيرة في مجال الطاقة النظيفة، وذلك لأنهم يهتمون بالوفاء بوعودهم، ولأنه مجال تجاري جيد. وينتظر مزيد من الشركات على الهامش إشارة قوية من جانب الحكومة، بأن الصناعات النظيفة استثمار قوي طويل الأجل. ومن شأن تمرير قانون تقليص التضخم البعث بهذه الرسالة، وتمكين رأس المال الخاص من تعزيز مستقبل الطاقة النظيفة بثقة أكبر.
وبتوقيع الرئيس جو بايدن، فإن هذا التشريع سينطلق ويدعم صناعات الطاقة النظيفة التي يمكن أن تخلق ملايين الوظائف، العديد منها داخل مجتمعات جرى بناؤها بواسطة الوقود الأحفوري. في الواقع، سيتطلب عديد من التقنيات الواعدة في اقتصاد الطاقة النظيفة مهارات وخبرات مماثلة لتلك التي يملكها عمال الفحم والنفط والغاز اليوم. وسيسهم ذلك في ضمان انتقال عادل على صعيد الطاقة.
ربما يكون حل مشكلة التغييرات المناخية أصعب تحدٍّ واجهته البشرية على الإطلاق. وسيتطلب الأمر إحداث تغييرات جذرية في الطريقة التي نوفر بها الطاقة لمجتمعاتنا، ونقل البضائع، وبناء الأشياء، وتدفئة المباني وتبريدها، وزراعة الطعام. بشكل أساسي: كيف نفعل كل شيء؟ نحن بحاجة إلى القيام بذلك بسرعة من خلال خطة متناغمة ومتماسكة إذا أردنا تجنب أسوأ آثار التغييرات المناخية.
واليوم، تحظى البلاد بفرصة لتكون مثالاً يحتذى من خلال تقديم رؤية لما هو ممكن، ثم تحقيقه. ومن خلال تمرير هذا التشريع، سيكون الكونغرس بذلك قد دشن لحظة تاريخية، على الرغم من التحديات العديدة التي تواجهها أميركا، وسيكون المشرعون في واشنطن قد تصرفوا بطموح وبصيرة لبناء مستقبل أنظف وأكثر صحة وازدهاراً.
* خدمة «نيويورك تايمز»
7:50 دقيقه
TT
أميركا على أعتاب لحظة فارقة
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة