بيتر كوي
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

هل وصل الصراع بشأن «تويتر» والمنصات الأخرى إلى طريق مسدودة؟

«لن يجري التعامل مع أي مزوِّد أو مستخدم لخدمة الكومبيوتر التفاعلية كناشر أو كمتحدث لأي معلومات مقدمة من مزوِّد محتوى معلومات آخر». يقول جيف كوسيف، الأستاذ المشارك في قانون الأمن السيبراني في الأكاديمية البحرية الأميركية، الذي كتب كتاباً بعنوان «الكلمات الـ26 التي خلقت الإنترنت» صدر في عام 2019. إن تلك الكلمات مقتبسة من المادة 230 من قانون آداب الاتصالات. وقد غذى هذا المقطع الموجز نمو منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تويتر» و«فيسبوك»، لحمايتها من الدعاوى القضائية المتعلقة بالمحتوى الذي ينشره مستخدموها.
بعد ما يقرب من ثلاثة عقود، حسب ماري آن فرانكس، الأستاذة في كلية الحقوق بجامعة ميامي، أصبح المحافظون والليبراليون غير راضين بالقدر نفسه عن المادة 230، لكن لأسباب معاكسة؛ ذلك لأن الليبراليين، في الغالب، لا يحبون تلك الكلمات الـ26 لأنهم يشعرون أنها سمحت للمنصات باستضافة خطاب الكراهية، بل والترويج له، والترويج لنظريات المؤامرة التي لا أساس لها وللعنصرية، واستضافة المحتويات الأخرى المرفوضة التي تجذب الانتباه وتجني الأموال.
المحافظون والليبراليون في الغالب يكرهون البند التالي الذي يحمي المنصات عندما يقومون بإزالة المواد المرفوضة. تنص تلك المادة على أنه لا يمكن تحميل المنصات المسؤولية المدنية إذا قامت «بحسن نية» بإزالة المحتوى الذي تعدّه «فاحشاً أو بذيئاً أو عنيفاً بشكل مفرط، أو غير مرغوب فيه بأي طريقة أخرى، سواء كانت هذه المواد محمية دستورياً أم لا». ويجادل المحافظون والليبراليون بأن منصات مثل «تويتر» تستخدم المادة 230 لقمع حريتهم في التعبير.
الآن يأتي إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، بعرض لشراء موقع «تويتر» بقيمة 43 مليار دولار. (تحركت الشركة، مؤخراً لجعل الأمر أكثر صعوبة على أي مستثمر واحد للحصول على حصة كبيرة).
من الصعب معرفة أي شيء على وجه اليقين عن ماسك، ولكن إذا اشترى «تويتر»، فسيكون رهاناً جيداً؛ لأنه سيقلل الإشراف على المحتوى. وقال ماسك في مؤتمر «التكنولوجيا والترفيه والتصميم»: «أعتقد أنه من المهم للغاية أن تكون هناك ساحة شاملة لحرية التعبير». لكن بغضّ النظر عن مدى ذكائه وثرائه، لا يستطيع ماسك تخليص الويب من المشكلات التي كان من المفترض أن تعالجها المادة 230. سيكون من الجنون وغير المجدي أن يلغي ماسك كل تعديل في المحتوى. فسرعان ما يمتلئ موقع «تويتر» بمواد جنسية غير قانونية، ومخادعة للمبيعات، ومتصيدين وغير ذلك من الأمور غير المرغوبة التي من شأنها إبعاد المستخدمين وإفساد سوق «تويتر» وقيمة المستهلك.
لا توجد منصة يمكن أن تقطع على نفسها وعداً بتقديم قدر معقول من حرية التعبير الحقيقية. فمنصة ترمب الاجتماعية المتعثرة «تروث سوشيال» التي تدّعي أنها «خيمة كبيرة»، تهدد بحظر المستخدمين الذين تتعارض مساهماتهم مع المادة 230.
صحيح أن «تويتر» (المملوك لماسك) سيظل يحظر المحتوى، لكنه لن يحظر سوى القليل منه. أستطيع أن أتخيل المزيد من التغريدات التي تدّعي زوراً أن غزو الكابيتول كان اختراعاً إعلامياً أو عملية كاذبة. ويتكهن فرانكس، أستاذ القانون، وهو الرأي الذي يشاركه فيه آخرون، بأن «تويتر» بقيادة ماسك سيكون في الواقع أكثر عُرضة لتقييد المحتوى الذي يُغضبه هو شخصياً. وبالمثل، من غير المرجح أن تصبح منصة ترمب وطناً لمنتقدي ترمب.
وقال كوسيف، وهو من الأكاديمية البحرية، إن المحافظين والليبراليين يرتكبون خطأ بالدعوة إلى إلغاء المادة 230 لأنهم لا يحبون الحماية التي توفرها للمنصات التي تُشعرهم بالتمييز ضدهم. وقال إنه إذا لم تكن لديهم حصانة قانونية، فمن المرجح أن تلعب المنصات دوراً آمناً من خلال حظر المزيد من المحتوى لتجنب المقاضاة.
وفي الوقت نفسه، فإن المشرعين الذين يغلب عليهم الديمقراطيون والذين يريدون ضوابط أكثر صرامة على المحتوى فشلوا في ذلك. قانون التكنولوجيا الآمنة برعاية أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين: مارك وارنر من ولاية فيرجينيا، ومازي هيرونو من هاواي، وإيمي كلوبوشار من مينيسوتا، من شأنه أن يزيل الحصانة من المواد المدفوعة على المنصات الاجتماعية ويعرّضهم لدعاوى قضائية قائمة على القانون المدني وحقوق الإنسان وقانون مكافحة الاحتكار. لكنّ هذا لم يصل إلى مجلس الشيوخ.
وقد حظر قاضٍ فيدرالي العام الماضي قانوناً اقترحه ووقّعه في النهاية حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، عضو الحزب الجمهوري، لمنع مواقع التواصل الاجتماعي من منع أي محتوى من المرشحين السياسيين.
وكتب مات ستولر، أحد أعداء شركات التكنولوجيا الكبرى والاحتكارات بشكل عام، مؤخراً يقول إنه يجب إلغاء المادة 230 تماماً حتى تصبح المنصات مسؤولة بالكامل عن جميع المحتويات المنشورة عليها. لكن هذه خطوة كبيرة وربما غير مرجحة.
في الوقت الحالي، وصل الصراع حول ما يجب فعله بشأن «تويتر» والمنصات الأخرى إلى طريق مسدود. قال إريك غولدمان، أستاذ القانون في جامعة «سانتا كلارا»، إنه سواء أكان موقع «تويتر» مملوكاً لماسك أم لا، فإنه لا يمكنه التغلب على الانقسامات العميقة وانعدام الثقة بالمجتمع. يمكن أن يؤدي إلى رفع مستوى الاعتدال في المحتوى وإرضاء الليبراليين أو رفضه وإرضاء المحافظين والليبراليين، ولكن «لا يوجد مكان قادر على أن يجعل جميع الأطراف راضين».
* خدمة «نيويورك تايمز»