سبنسر بوكات ليندل
TT

هل الركود هو السبيل لوقف التضخم؟

انتشرت أنباء تفيد بأن التضخم واصل التدهور في مارس (آذار)، حيث ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 8.5 في المائة عن العام السابق في أميركا، وهي أكبر زيادة منذ عام 1981. ورغم أن ما يسمى بالتضخم الأساسي قد تباطأ منذ فبراير (شباط)، فإن الأجور الحقيقية للعمال لا تزال تتآكل. وإذا صحت توقعات ارتفاع التضخم، فإن بعض خبراء الاقتصاد يخشون من أن الأسعار قد تخرج عن نطاق السيطرة.
يأمل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في تجنب هذا السيناريو من خلال زيادة أسعار الفائدة قصيرة الأجل، والتي يتوقع المسؤولون ارتفاعها بنسبة 1.9 نقطة مئوية بحلول نهاية العام.
لكن هذا العلاج، إذا نجح، قد يأتي بآثار جانبية خطيرة، حيث تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى خفض التضخم عن طريق جعل الديون بجميع أنواعها، من الرهون العقارية إلى قروض السيارات وقروض الأعمال، أكثر تكلفة. وللسبب ذاته، يمكن أن تؤدي أيضاً إلى ارتفاع معدلات البطالة وإحداث انكماش اقتصادي. في الواقع، بالنسبة للحالات التسع منذ عام 1961 عندما رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، حدثت حالات الركود التسعة جميعها باستثناء حالة واحدة، وفقاً لبحث أجراه بنك «بايبر ساندلر» الاستثماري.
وذكر جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي يدرك هذا السجل الحافل، أنه يهدف إلى هندسة «هبوط ناعم» عبارة عن تباطؤ تدريجي في النشاط الاقتصادي يساعد على كبح الأسعار المرتفعة دون تعريض الانتعاش للخطر.
ربما تكون أقوى حجة ضد الفرضية «المحمومة» هي أن الأسعار ترتفع أيضاً بسرعة في البلدان الأخرى التي تعاملت مع الوباء بسياسات اقتصادية كلية مختلفة تماماً، بحسب مقال جون كاسيدي في «ذا نيو يوركر». في الشهر الماضي، بلغ معدل التضخم في منطقة اليورو 7.5 في المائة، وهو ليس أقل بكثير من معدل التضخم في الولايات المتحدة. وقال أوستن جولسبي، الاقتصادي بجامعة شيكاغو، «في أوروبا، لم يقدموا الحافز الكبير الذي قدمناه، لكن ارتفاع تضخمهم الآن يماثل حالنا تقريباً. إنها ظاهرة عالمية. فهي غير مرتبطة بشكل أساسي بالتحفيز الأميركي».
إذا كان اللوم يقع في المقام الأول على جانب العرض، فقد أظهر حل زيادة سعر الفائدة أنها حل معيب.
لا يمكن أن تؤدي زيادة أسعار الفائدة إلى إلغاء قيود سلاسل التوريد أو خفض فواتير الغاز والغذاء أو التخفيف من نقص المساكن الذي يؤدي إلى ارتفاع الإيجارات. لتنفيذ ذلك، كتب إريك ليفيتز في أحد منشورات مجلة «نيويورك»، تحت عنوان «المركزي لا يستطيع إنقاذنا»، يقول، إن إصلاح استخدام الأراضي والاستثمار العام في الإسكان سيتطلب إجراءات فيدرالية لتشجيع إنتاج الطاقة الشامل على المدى القصير وإنتاج الطاقة المتجددة على المدى الطويل.
وكتب ليفيتز يقول «نظراً لتوازن القوى الحالي ومجموعة المؤسسات، فإن رفع أسعار الفائدة قد يكون أفضل أداة لدينا لمكافحة التضخم». لكن هذا في حد ذاته نوع من الأزمة. لا يسعنا الاستمرار في الاعتماد على أدوات السياسة المألوفة. إن ثمن التراخي باهظ للغاية».
ربما يكون العضو الأبرز في المدرسة «المحمومة» هو لاري سمرز، المستشار الاقتصادي السابق للرئيس باراك أوباما الذي حذر من أن سياسات التحفيز الوبائية في البلاد تخاطر «بضغوط تضخمية من النوع الذي لم نشهده منذ جيل».
قال الكاتب العمود في صحيفة «التايمز» عزرا كلاين في حلقة حديثة من البودكاست، «إلقاء اللوم على العرض ليس ذريعة للتضخم. إنها حقيقة في البيئة عليك التعامل معها. وبالتالي، فإن المهمة هي البحث عن مقاييس للسخونة الزائدة، وعندما ترى مقاييس ارتفاع درجة الحرارة، عليك بممارسة ضبط النفس».
ولكن إذا لم يقم بنك الاحتياطي الفيدرالي بكبح جماح التضخم الآن، فإن البعض قلق من أنه قد يصبح مستداماً ذاتياً. وكتبت جينا سمياليك، المحررة بصحيفة «ذا تايمز»، تقول، إذا توقع المستهلكون والشركات زيادات سريعة في الأسعار عاماً بعد عام، فسيكون ذلك علامة مقلقة. يمكن أن تتحقق مثل هذه التوقعات إذا شعرت الشركات بالراحة في رفع الأسعار وقبل المستهلكون تلك التكاليف المرتفعة لكنهم طلبوا رواتب أكبر لتغطية نفقاتهم المتزايدة».
وجادل ويليام دادلي، الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، بأنه إذا بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة العام الماضي، لكان من الممكن كبح جماح التضخم من دون التسبب في ركود.

* خدمة «نيويورك تايمز»