إيلي ليك وجوش روغين
TT

ليبيا.. إرهاب وفوضى وانهيار اقتصادي

أعلنت الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا وجود أكثر من 5 آلاف مقاتل متحالفين مع «داعش» يعملون داخل أراضيها، مما يفوق بكثير التقديرات السابقة.
وأخبرتنا وفاء بوقعيقيص، القائمة بأعمال السفير الليبي في واشنطن مؤخرا، بأن حكومتها التي تتخذ حاليًا من مدينة طبرق شرق البلاد ملاذًا لها، تواجه موقفًا بالغ الصعوبة يقوم على مزيج من الإرهاب وانهيار اقتصادي وفوضى سياسية، وحرب أهلية مع حكومة منافسة داخل العاصمة طرابلس. وأضافت أن ليبيا تحتاج بشدة لمساعدات دولية، تتضمن مساعدات عسكرية.
وقالت: «التدخل عام 2011 كان مرحبًا به»، في إشارة لتدخل قوات حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة والذي أطاح بالديكتاتور معمر القذافي. وأضافت: «إلا أن الوضع مختلف الآن، فنحن الآن قلقون من أن مثل هذه الضربات قد لا تفلح في محاربة الإرهاب، لأن أمثال هؤلاء ينتشرون في كل مكان».
وأوضحت أن تقديرات حكومتها تشير لوجود ما بين 5 آلاف و6 آلاف مقاتل داخل ليبيا على صلة بـ«داعش»، مما يزيد على ضعف العدد الذي صرح به مسؤول ليبي آخر بارز خلال مقابلة أجريت معه منذ شهرين. وقالت بوقعيقيص إن هؤلاء المقاتلين مزيج من أجانب وجماعات محلية متشددة.
وبينما تناشد الحكومة الليبية تقديم مختلف أشكال العون الدولي لها، بما في ذلك مساعدة قواتها المسلحة، فإن القيادة في طبرق تخشى من أن تسفر الضربات الجوية عن إغراق ليبيا في مزيد من الفوضى وتدمير الاقتصاد الهش بالفعل.
وشرحت بوقعيقيص أنه «تدور رؤيتنا حاليًا حول إمكانية تناول الإرهاب عبر توفير معلومات واستخبارات وتنفيذ عمليات خاصة والاستعانة بقوات خاصة. هذا سيكون أكثر فاعلية في محاربة الإرهاب، وهذا هو نمط الدعم الذي نرغبه».
يذكر أن صانعي السياسات الأميركيين لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيبدون دعمًا أكبر للحكومة في طبرق، التي تسيطر على مساحة صغيرة فقط من البلاد، والتي يزعم منتقدون أنها أصبحت الآن تحت سيطرة الجيش. وتبعًا لبرقية بتاريخ 2 مارس (آذار) من السفيرة الأميركية لدى ليبيا، ديبورا جونز - حسبما وصف لنا مسؤول أميركي معني بمكافحة الإرهاب - فإن وزارة الخارجية عكفت على دراسة التقرب إلى عناصر أخرى، من المفترض أنها أكثر اعتدالا من قوى المعارضة المتحالفة مع ميليشيات، وذلك في محاولة لتحقيق توازن في النفوذ الأميركي، وتغطية جميع الرهانات السياسية.
وتبعًا لمصدرنا، فإن البرقية لم تلق قبولاً طيبًا من قبل الوكالات الأميركية الحكومية الأخرى، وحتى الآن لا تزال السياسة الأميركية تقتصر في تعاملها على حكومة طبرق. وأحيانًا، تبدو الولايات المتحدة خارج نطاق المشاركة، مثلا عندما شنت مصر ضربات جوية الصيف الماضي دعمًا لقوات طبرق.
وتشارك حكومة طبرق في مفاوضات مطولة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، في ظل تحالف تقوده طرابلس يعرف باسم حركة «فجر ليبيا» المسيطرة على أجزاء من بلاد بمعاونة العديد من الميليشيات. ويقود هذه العملية التي تجري تحت رعاية الأمم المتحدة، الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون.
أما الرسالة الصادرة عن واشنطن إلى ليبيا فدارت حول أن الولايات المتحدة ستوفر جميع صور الدعم، لكن فقط بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية. وربما يستغرق هذا الأمر شهورًا، حال حدوثه من الأساس. وقالت بوقعيقيص إن صعود «داعش» والجماعات المتطرفة الأخرى يعني أن سياسة الإرجاء التي تنتهجها إدارة أوباما، تنطوي على خطورة بالغة.
من جانبها، حاولت حركة فجر ليبيا التي تدير برلمانها الخاص في طرابلس، تعزيز مكانتها داخل واشنطن والتواصل مع صانعي السياسات بها وأعضاء الكونغرس كي تنال الاعتراف بها. وقاد هذه الجهود رئيس الوزراء عمر الحاسي، حتى إقالته مؤخرا من جانب المؤتمر الوطني العام.
وقالت بوقعيقيص إن حكومتها ترغب في تشكيل حكومة وحدة، مثلما تحثها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكنها شددت على أن حكومة طرابلس غير شرعية، وأنها قائمة فقط بفضل تحالفها مع ميليشيات متطرفة.
وأضافت: «يقول كثيرون إن هناك حكومتين في ليبيا، وهذا غير صحيح، فالحقيقة أن هناك حكومة شرعية ومنتخبة ديمقراطيًا، وأخرى تفرض نفسها وغير شرعية تمامًا».
والملاحظ أن قائمة مطالب حكومتها من واشنطن طويلة، وتتضمن الدعم الاستخباراتي والتدريب العسكري ومعدات عسكرية ودعمًا بمجال السيطرة على الحدود للدول المجاورة، بل وحصارًا بحريًا لطرابلس. كما ترغب في ضغط واشنطن على دول أخرى لوقف دعمها لخصومها الداخليين.
وقد أخبرنا مسؤولون بارزون بالبيت الأبيض مرارًا أنهم لا يرون ميزة وراء دعم القدرة العسكرية لحكومة طبرق في الوقت الراهن.
إلا أن مسؤولين ليبيين رفيعي المستوى من كلا الجانبين أكدوا على الصعيد غير المعلن أنه لا يراودهم أمل كبير في العملية التي تقودها الأمم المتحدة.
بالنسبة لممثلة ليبيا في واشنطن، فإن غياب الاهتمام الدولي بتردي الوضع في ليبيا في خضم تنامي النشاطات الإرهابية ينطوي على قصر نظر، وسيترك تداعيات بمختلف أرجاء المنطقة، وكذلك أوروبا وأخيرًا الولايات المتحدة.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»