د. محمد النغيمش
كاتب كويتي
TT

إيماءات القياديين الخفية!

تستخدم ملكة بريطانيا (95 عاماً) حقيبة يدها الشهيرة للتعبير عن إيماءات سرية في المناسبات الرسمية. ذلك أن الملكة إليزابيث الثانية تخبر موظفيها عبر حركة حقيبتها، حينما تشعر بالتعب أو الإرهاق، وتقدم من خلالها عدداً من الحيل والنصائح، الأمر الذي يسهل على مساعديها فهم حالتها المزاجية ومشاعرها. جاء ذلك فيما نقلته صحيفة «ديلي إكسبريس» عن المؤلف الملكي فيل دامبير.
هذه الحقيبة وغيرها التي تقدمها شركة «لونر» منذ عام 1968 خصيصاً للملكة بلغ عددها نحو 200 حقيبة. ومن خلالها تستطيع الملكة أن ترسل برسالة خفية إلى من يتابعها من المساعدين، وتفعل ذلك أحياناً بخاتمها.
وبحسب المؤرخ الملكي هوغو فيكرز، فإن مساعدي الملكة يعلمون أنه إذا ما انتابها ضيق أو وعكة صحية فإنها سترسل رسالة معينة. وإذا ما وضعت حقيبتها على طاولة العشاء فذلك يشير إلى رغبتها في انتهاء الحديث خلال 5 دقائق. أما وضعها على الأرض فيعني أنها لم تعد تستمتع بالحديث الدائر. ولأن الملكة دائماً ما تضع حقيبتها على ذراعها اليسرى، فإذا ما نقلتها إلى الجهة اليمنى، ففي ذلك دلالة واضحة على أنها تشعر بالملل وترغب في الخروج.
هذه الحكاية، ذكرتني بصرخة شديدة سمعتها من ضابط كبير عندما قال بأعلى صوته: «حرس»! ثم سرعان ما هرع رجاله إلى خارج الديوانية استعداداً لموكب زعيم عربي. وبحكم «الميانة» سألته: كيف عرفت أنه يرغب في الخروج في هذه اللحظة؟ فقال إنه مكلف النظر إلى يد الزعيم اليسرى، فإذا ما ضربها بخفة على كرسيه، فهي إشارة إلى أنه سيغادر الآن.
الأمر نفسه قرأته في حادثة شهيرة، أنقذت الرئيس الأميركي ريغان من محاولة الاغتيال الشهيرة، حينما كان يهم بالخروج من فندق هيلتون، لحظة إطلاق الرصاص عليه. فتمكن الحرس الخاص من بناء درع بشري وإدخال رأسه إلى سيارته المصفحة التي كان يهم بالدخول فيها. وكانت «إشارة» باب السيارة المفتوح السبب الذي أنقذ حياته. حيث تعلم الحرس الخاص من محاولة اغتيال الرئيس فورد عندما كان خارجاً من فندق بسان فرانسيسكو عام 1975، في اللحظة التي أطلق عليه مهاجم النار، فكانت الصدمة أن باب السيارة كان مغلقاً، ولم يكن هناك بروتوكول ملزم بفتح الباب لحظة خروج الرئيس.
أذكر أن أحد المسؤولين العرب، قد كشف لي طريقة يتخلص بها من الضيوف الثقلاء الذين لا يقدرون أهمية اختصار اللقاء، فكان يتفق مع السكرتيرة عبر الإيميل بأن تدخل عليه لتذكره بصوت خفيض بموعده التالي شفاهة، أمام الضيف، حتى يغادر أو يختصر.
المشكلة ليست في الإشارات أو الإيماءات وأنواعها. التحدي الأكبر الذي يواجه القياديين حول العالم عندما يعمل معهم أناس لا يدركون بسرعة إيماءاتهم ومقاصدهم، ويفتقرون إلى مَلَكَة «اللبيبُ بالإشارةِ يفهم».