روس دوثات
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

كيف يمكن للمحافظين إعادة تشكيل التعليم؟

بعد أن كتبت بضعة مقالات في استكشاف المناقشات الحالية حول التاريخ والعرق والتعليم، كنت أنوي التراجع والكتابة عن الأسباب التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى فشل الجهود المحافظة الرامية إلى استخدام تشريعات الدولة للحيلولة دون النظريات التعليمية التقدمية الجديدة.
ولكن في بعض الأحيان يكتب شخص ما نسخة أفضل من المقال الذي تريد كتابته، وقبل بضعة أيام فعل صمويل غولدمان ذلك بالضبط، وهو الأستاذ في جامعة جورج واشنطن والكاتب في موقع (ذا ويك). واستشهد غولدمان بالتاريخ الطويل من المحاولات المحافظة الفاشلة لمكافحة التحولات الثقافية الليبرالية بردود فعل تشريعية قاسية، وأشار إلى أنه في حالة التعليم فإن «الكتب القانونية هي التي تموت فيها إصلاحات المناهج الدراسية المحافظة». ولا تتعلق المشكلة بأن القوانين الجديدة فضفاضة أو مبهمة، بل «إنهم يستهدفون الأفكار وليس بنية المؤسسات التعليمية والعاملين فيها».
يعني غولدمان بذلك أنه ليس المشرعون، بل البيروقراطيون والمدرسون هم الذين يحددون حقاً ما يتم تدريسه في المدرسة - وما دام أن المؤسسات التي تدرب وتمثل موظفي التعليم العام يهيمن عليها الليبراليون، فإن التوجهات الآيديولوجية داخل هذه المؤسسات هي أكثر أهمية من أي محاولة لسن تشريعات ضدهم.
وهذا لا يجعل ردود الفعل العكسية غير ذات صلة. فهناك الكثير من الشكوك الليبرالية حول حكمة ترجمة، مثلا، التدريب المتنوع لشخصية مثل روبن دي أنغلو إلى التعليم من مستوى رياض الأطفال، وردود الفعل المحافظة قد تزيد من عزيمة المواقف المتخذة لدى الليبراليين المتشككين. ومن ناحية أخرى، فمن خلال ربط هذه الشكوك بشبكة «فوكس نيوز» فقد يكون لها تأثير معاكس.
ولكن في كلتا الحالتين، كان صناع القرارات الرئيسية الليبراليين البارزين في المؤسسة، من التفاوض مع الناشطين على تيار اليسار، وتطوير النظام على المدى البعيد خارج نطاق السيطرة المحافظة المباشرة.
هل يمكن أن يكون الأمر خلافا لذلك؟ يتصور غولدمان طريقتين يستطيع المحافظون من خلالهما إعادة تشكيل التعليم الأميركي؛ الأولى نسخة أكثر درامية من حركة اختيار المدرسة، والتحول نحو التعددية التعليمية، حيث يتم توفير المزيد من الأموال العامة للبدائل الخاصة، وتمكين المحافظين من التوسع بشكل كبير في البدائل القائمة للمدارس العامة والبيروقراطية التعليمية.
والطريقة الثانية هي محاولة تنظيم «مسيرة طويلة من خلال المؤسسات الحالية»، حيث «يكرس المحافظون أنفسهم للتأثير على المدارس العامة بكل كفاءة وعلى كل مستوى تعليمي».
والمشكلة في النموذج الأول تتلخص في تحيز أغلب الآباء الأميركيين إلى الوضع الراهن، وهم سعداء بالقدر الكافي في مدارسهم العامة لتشككهم في جدوى إنفاق مدفوعاتهم الضريبية على تنويع النظام بشكل كبير. والمشكلة في الفكرة الثانية، على حد تعبير غولدمان، هي أن التيار المحافظ الأميركي «معارض بشكل معتدل للعمالة العامة، ويشكك في المؤسسات الرسمية، ولا يطيق صبراً على التخطيط الطويل الأجل».
لديّ فكرة ثالثة. في النزاع المتزايد مع المجمع الأكاديمي الذي أصبح أكثر تماسكاً ضمن التيار الليبرالي، يدعي الجمهوريون أنهم يدافعون عن التنوع الفكري والآيديولوجي. ولكن أدواتهم ذات طبيعة عقابية في كل الأحوال تقريباً: التهديد بقرارات الفصل، أو بتخفيض التمويل، أو المحاولات العشوائية الأخرى لمنع تعيينات بعينها، مثل المعركة الأخيرة حول ما إذا كان ينبغي لجامعة نورث كارولاينا أن تمنح المنصب لزميلتي الصحافية السمراء نيكول هانا جونز. ماذا لو استخدم المحافظون قوة الأموال في البناء بدلاً من ذلك وإثبات أن رؤيتهم للأوساط الأكاديمية ممكنة؟ اسمحوا لحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس بإنشاء كلية جديدة للمعلمين في الولاية، ليس فقط للمناهج الدراسية، بل وأيضاً بصلاحية قرارات التوظيف والقبول التي تشرف عليها لجنة معينة من قبل الحزبين السياسيين في الهيئة التشريعية. أو لندع الرئيس الجمهوري القادم أن يعمل على إنشاء مجموعة من الجامعات العامة الوطنية ذات البنية المماثلة، مع تعيين مجالس إدارة من قبل ميتش ماكونيل (الجمهوري) وتشاك شومر (الديمقراطي)، وهو المنهج الأساسي الذي أنشأه الأكاديميون المعينون من قبل الحزبين، وتعيين مسؤول القبول من قبل نفس الجهة.
ربما تفشل هذه الأفكار تماماً. إن فكرة فرض مثل هذه السيطرة السياسية المباشرة على الحوكمة الأكاديمية من الممكن أن تؤدي إلى المقاطعة العامة، باسم الحرية الأكاديمية، من قبل أعضاء مجالس الإدارة الليبرالية المحتملين والوجهاء الأكاديميين، الذين يصنفون المدارس «العامة» الجديدة باعتبارها المعادل لجامعة ترمب. أو ربما أنه - كما يزعم بعض الأكاديميين الليبراليين - لا يوجد ببساطة ما يكفي من المحافظين الموهوبين المهتمين بالحياة الأكاديمية لتزويد مثل هذه الجامعات المتصورة بالموظفين.
ومع ذلك، فإن المغزى من التأمل في مثل هذه الأفكار، هو الإقرار بأنه ليس فقط المحافظون هم من لديهم الاهتمام بكسر الحلقة المتعددة الأجيال التي منحت الليبراليين سلسلة من الانتصارات الثقافية في حين أنها تطرح مجتمعاً منقسماً، ومؤسسات مشتتة على نطاق واسع، وتياراً يمينياً مشوهاً.
وبالنسبة للمؤسسات التي يديرها الليبراليون حالياً للحصول على الدعم العام والاحترام، فإنها تحتاج إلى المزيد من الإسناد المحافظ. ولكي يتمكن المحافظون من الإسناد والدعم، فإن اليمين يحتاج إلى نوع من الضمان للنفوذ أو السلطة الفعلية. ولكي تبدو هذه الضمانة ذات مصداقية، قد تحتاج إلى وجود رئيس جمهوري ليؤسس بعض المؤسسات العامة ثم نرى ما سوف تتمخض عنه الأحداث لاحقاً.