د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

ليبيا وكلاكيت «برلين 2»

مؤتمر «برلين 2» لن يكون أفضل حالاً من «برلين 1».. كلام مضروب في كلام من دون إيجاد آليات واضحة لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية في ظل تعنت تركيا أمام الآخرين وبلا ضغط واضح وملموس يدفعها للخروج من ليبيا، خصوصاً أن أزمة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية هي أزمة دولية وليست ليبية.
جعجعة «برلين 2» لن نرى لها طحيناً في إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وبالتالي سنكون في انتظار «برلين 3» ولربما «برلين 5» من دون خروج المرتزقة خصوصاً التركية، في ظل تراخٍ دولي للضغط على تركيا، الطرف العابث الرئيسي في ليبيا.
ما ظهر أنه تبعية من رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» لتركيا هو مشكلة أخرى تعرقل الحل في ليبيا، خصوصاً أنه جاء إلى برلين مطالباً بالبقاء التركي في ليبيا.
الوفد الليبي في «برلين 2» يدخل منقسم الرؤية، ففي حين فضّل رئيس الحكومة الدبيبة أن يتبنى مطالب تركيا، فضّلت المنقوش وزيرة الخارجية، أن تحمل مطالب الليبيين الوطنيين بضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من دون تمييز أو تفضيل، وطالبت بآليات واضحة لإخراج المرتزقة.
ما بين «برلين 1» و«برلين 2» بدا المجتمع الدولي عاجزاً عن إخراج 20 ألف مرتزق أجنبي جلبتهم تركيا وزوّدتهم بالسلاح وأصبحوا يشكّلون خطراً إقليمياً ويهددون الجنوب الأوروبي، خصوصاً أن بعضهم تسلل عبر قوارب الهجرة إلى الشواطئ الأوروبية مما سيعرّض الجنوب الأوروبي بأكمله للخطر، لا سيما أن بعض هؤلاء المرتزقة يحمل فكر «داعش» و«القاعدة» وفكرة الانتحار وتفجير النفس في سبيل ما يظنه جهاداً.
مؤتمر «برلين 2» لن يقدم أي حل جديد أو واضح للأزمة الليبية مختلف عن «برلين 1»، خصوصاً في ظل غياب واضح لأي آليات وجدول زمني لإخراج المرتزقة. وهذا يعد من أبرز علامات الفشل، إضافة إلى الانقسام الواضح داخل الوفد الحكومي الليبي وتغييب واضح للأطراف الفاعلة على الأرض ومنها الجيش الليبي الذي أثبت فاعلية وجدّية في محاربة الإرهاب والفوضى واحترامه لسيادة الدولة وحفظ أراضيها.
المجتمعون في «برلين 1» استبعدوا جميع الأطراف الليبية، بينما في «برلين 2» تمت دعوة بعض الأطراف وتغييب أطراف مهمة أخرى، ما يعني أن المجتمعين في برلين ما زالوا يقرأون المشهد الليبي بشكل مجتزأ بدون استكمال المشهد، ما يعني أن ما سينتج عن «برلين 2» سيكون منقوصاً ويشبه الرؤية بعين عوراء.
حتى الانتخابات التي يحاول الجميع تأكيد انطلاقها في موعدها تواجه السيناريو الإخواني الذي يستند إلى محاولة إحداث صدام مسلح وانهيار وقف إطلاق النار لتشتعل الحرب مجدداً ويتمكن «الإخوان» من ترتيب المشهد كما يرغبون، فالاستقرار والانتخابات سوف تزيح «الإخوان» من المشهد الليبي، خصوصاً وهم في أدنى شعبية لهم تاريخياً، وبالتالي تعطيل الانتخابات ولو بإشعال حرب هو خيار إخواني.
وبالتأكيد سينعكس هذا سلباً على العملية السياسية ويعرقل خطة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية كما تطالب القوى الدولية.
ليبيا تعرضت لفوضى ممنهجة تسبب فيها مجلس الأمن وحلف «ناتو»، وبالتالي فإن مجلس الأمن الذي تدخل في ليبيا عام 2011 بحجة حماية المدنيين، مطالَب اليوم بإعادة الاستقرار إلى ليبيا وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية بقرار تحت البند السابع كما فعل عندما أسقط الدولة الليبية بحجة حماية المدنيين، أما «برلين 2» أو حتى «برلين 5» فلن يتمكن من إخراج المرتزقة ولا استعادة الاستقرار في ليبيا بمجرد بيانات مفرداتها «الحث» و«المطالبة» و«القلق» والتعبير عن الدعم بلا ممارسة ضغط حقيقي على المخربين والعابثين في ليبيا.