طارق الشناوي
ناقد سينمائي مصري
TT

دنيا وإيمي والتمثيل على شاشة الحياة!

تحرص كل من دنيا وإيمي سمير غانم على زيارة دلال عبد العزيز يوميا في غرفة العناية المركزة بالمستشفى، حيث لا تزال تتلقى العلاج، بينما كل منهما ترتدي ملابس ملونة وابتسامتها تسبقها، اتفقتا مع إدارة المستشفى على إيقاف البث التلفزيوني تماماً من الحجرة بحجة أن الموجات اللاسلكية تتعارض مع العلاج، كما أنهما تفتعلان يومياً مشكلة مع إدارة المستشفى بحجة أن (الريسيفر) المركزي به مشاكل، تحول دون وصول البث إلى الجهاز.
دلال تجاوزت الأربعين يوماً داخل المستشفى، في حالة توصف بالاستقرار، رغم كونها لا تزال حرجة.
مستقرة هذا يعني أنها الحمد لله لا تتدهور، بل تتقدم ببطء إلى الأحسن، أما الحرجة فلأنها لا تزال تتلقى الأكسجين، من ماسك يوضع بين الحين والآخر على الأنف، إلا أن الخبر الجيد أنها لم تعد بحاجة إلى جهاز التنفس الصناعي، وما تفعله دنيا وإيمي يكرره الإعلامي رامي رضوان زوج دنيا والفنان حسن الرداد زوج إيمي، حيث إنهما أثناء الزيارة لدلال لا يتوقفان عن إثارة مشاعر البهجة، حتى لا تتأثر الحالة الصحية لدلال سلباً، لو أنها علمت برحيل حبيبها وزوجها سمير غانم.
تذكرت فيلماً قديماً شاهدته قبل نحو 17 عاماً حصد العديد من الجوائز (وداعا لينين). الفيلم يقدم حياة أم دخلت في غيبوبة أثناء تقسيم ألمانيا إلى شرقية يحكمها الفكر الشيوعي وغربية رأسمالية في أفكارها، ثم استردت الحياة وخرجت من الغيبوبة، ولكن بعد إزالة السور الذي كان يفصل بين برلين الشرقية حيث تعيش والغربية حيث يعيش باقي أفراد العائلة، كان جميع الأبناء يشاركون في التمثيل.
تعليمات الدكاترة ممنوع إثارة مشاعرها حتى لا تحدث انتكاسة، وهكذا يبعد الأبناء عنها كل أجهزة الإعلام، وهو ما شاهدته في فيلم (وداعا لينين)، كانوا يضطرون إلى تقديم نشرة أخبار مختلقة في التلفزيون، لإقناعها أن الدولة لا تزال تحكمها الشيوعية، كما أنهم يغيرون أغلفة علب المأكولات لتعبر عن الواقع القديم الذي كانت تتعامل به، ثم اكتشفوا أن حجرتها في المستشفى تطل على إعلان مشروب (كوكاكولا) الممنوع تناوله قبل هدم السور لأن منشأه أميركا، فيضطرون لاستبدال مشروب آخر به (شيوعي) منشأه روسيا كانت تتعاطاه قبل هدم السور، فيضعونه على اللوحة الإعلانية.
الكل في المستشفى الذي تعالج به دلال وليس فقط عائلتها عليهم أن يجيدوا التمثيل، هي تعتقد أن سمير مثلها في حالة حرجة، ويقيم في مستشفى آخر، ولا يستطيع زيارتها مثلما هي لا تستطيع.
هل تُصدق دلال كل تلك التفاصيل، مهما حيكت ببراعة، أم أن قلبها يحدثها عن سيناريو آخر؟ الكل يتوجه لله حتى تعبر دلال الأزمة قريباً، وتعود سالمة إلى ابنتيها وبيتها.
سوف تدرك دلال لا محالة مع الأيام أن سمير انتقل إلى رحمة الله، وهو في مكان أفضل، وأن واجبها أن تواصل رسالته لترعى ابنتيه. كانت إيمي ودنيا في حياة سمير تلعبان دور الأم، إيمي زرعت كاميرات في بيت والدها لتظل تراقب تحركاته، ربما احتاج إلى شيء فتسارع هي بإحضاره، بينما كانت دنيا سمير غانم، هي دُنياه التي يعيشها فصار الآن يعيش داخلها.
ستعبر دلال قريباً الأزمة إن شاء الله، لتظل دوماً تذكرنا بأنها النصف الثاني من سمير الذي كان وسيظل أحد أهم مصادر البهجة الطبيعية في حياتنا!!