زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

التعاون السعودي ـ الفرنسي في جازان وتبوك

تمّ عقد العديد من اتفاقيات التعاون العلمي في مجال الآثار بين هيئة التراث في المملكة العربية السعودية وأهم متاحف وجامعات العالم؛ لتنفيذ مسوحات أثرية في العديد من المواقع الأثرية في المملكة، حيث يعتبر المسح الأثري من المناهج المهمة في علم الآثار، والتي يتم من خلالها تحديد المواقع الأثرية وتسجيلها وتوثيقها، ومن ثمّ حمايتها بعد ثبوت أثرية تلك الموقع. ومن بين أهم أوجه هذا التعاون بين جامعة السوربون وهيئة التراث في مواقع وادي مطر ووادي شامي في فرسان بمنطقة جازان، حيث بدأت أعمال البعثة الأثرية المشتركة السعودية - الفرنسية في الموقع منذ عام 2017 وحتى الآن.
وسوف أبرز هنا أهم نتائج البحث في منطقة جازان والوديان المتصلة بها، حيث تم حتى الآن تسجيل العديد من المواقع في وادي مطر، التي تنتمي معظمها إلى الفترة الإسلامية. وتشمل أعمال التسجيل عمل خرائط للموقع والتصوير، بالإضافة إلى تسجيل اللقى الأثرية بالموقع، ومنها كذلك بعض المباني القائمة التي لم تكن مسجلة من قبل. كما تم العثور على عتبات أبواب منقوش بعضها بكتابات بالخط المسند الجنوبي. هذا، وقد قامت البعثة أيضاً بجمع العديد من الملتقطات السطحية الفخارية، التي تحمل تأثيرات من جنوب الجزيرة العربية يمكن تأريخها بعد دراستها إلى القرون الأولى من الألف الأول ق.م، بالإضافة إلى العثور على قطع فخارية تعود للعصر الروماني من القرنين الأول والثاني الميلادي، وكذلك العثور على تمثال رأس جمل كشف في وادي مطر وعملة معدنية عليها كتابات بالخط المسند الجنوبي.
وهناك بعثة سعودية - فرنسية أخرى من جامعة نانسي الفرنسية تعمل في موقع كلوة بمنطقة تبوك. ويعد هذا الموقع من المواقع الأثرية المهمة والغنية بالآثار المميزة والتي تدل على أن المنطقة شهدت حركة استيطان واسعة النطاق منذ فترة مبكرة من حياة الإنسان ومرت بالعديد من المراحل منذ عصر ما قبل التاريخ وحتى العصر الإسلامي. وهناك آلاف من الأدوات الحجرية عثر عليها وتعود إلى العصر الحجري الحديث وتشهد على وجود محاولات للاستقرار الذي ارتبط ببعض المنشآت البسيطة والمنتشرة بالموقع. وهذه المنشآت على الأرجح استمرت في التزايد تدريجياً خلال العصور التاريخية. وقد عثر الفريق الأثري أيضاً على عدد كبير من الرسوم الصخرية الآدمية والحيوانية، كان من أبرزها رسم غائر لوعل، والتي تدل على الحياة البيئية في هذه المنطقة، هذا إلى جانب العثور على العديد من النقوش بالخط الثمودي. كما عثر على عدد كبير من النقوش والكتابات الإسلامية التي تعود إلى فترات متفاوتة، كما يتضح ذلك من أسلوب الخط.