وليد خدوري
كاتب اقتصادي عراقي من أوائل الصحافيين العرب المختصين في رصد أسواق الطاقة وشؤون النفط. حاصل على شهادة الدكتوارة من الولايات المتحدة، ويمتلك خبرات واسعة في الصحافة والنشرات المتخصصة. كما عمل في منظمة "أوابك" وتدريس العلاقات الدولية.
TT

الطاقات المستدامة... الاستهلاك الأوروبي

في خضم أخبار جائحة (كوفيد - 19) التي هيمنت على بقية الأخبار العالمية خلال السنة الماضية، تشير المعلومات إلى أن أوروبا شهدت خلال عام 2020 تحولا غير مسبوق في مجال الطاقة؛ إذ استهلكت أوروبا خلال عام 2020 الطاقات المستدامة أكثر من استخدامها الوقود الهيدروكربوني في توليد الكهرباء.
يعود السبب الرئيسي في تفوق الطاقات المستدامة هذا إلى الآثار المترتبة لجائحة «كورونا». فقد أدت الإغلاقات إلى تقليص استهلاك الكهرباء، الأمر الذي أدى إلى اعتماد أكثر للشركات على الطاقات الأقل تكلفة، ومن ثم استهلاك الطاقات المستدامة، بحسب تقرير أصدرته منظمتا أمبر واغورا إينرجيويند، اطلعت عليه وكالة «بلومبرغ».
كما تشير الدراسة إلى أن المسار المستقبلي المتوقع هو لزيادات أعلى في استهلاك الطاقات المستدامة. فأوروبا تحتاج وتخطط لمضاعفة حصة الكهرباء التي تولدها من الطاقات النظيفة بحلول عام 2030، وذلك لتحقيق الهدف الآتي: تخفيض الانبعاثات الكربونية بما لا يقل عن 55 في المائة في عام 2030 عن معدلها لعام 1990.
قامت الطاقات المستدامة - النظيفة بتوليد 38 في المائة من الكهرباء الأوروبية في عام 2020، مقارنة بنحو 34 في المائة في عام 2019. هذا، في الوقت الذي أدت المصادر الهيدروكربونية إلى توليد 37 في المائة من الكهرباء الأوروبية في عام 2020، وبحسب ديفيد جونز، محرر الدراسة والمسؤول عن التحليل الكهربائي في مؤسسة أمبر، «نجد أنه في بداية عقد التوصل إلى تغيير المناخ العالمي، أن الاعتماد المتزايد بسرعة على الرياح والطاقة الشمسية قد أدى إلى تقليص استعمال الفحم، وهذه هي البداية فقط».
ومن الملاحظ أيضًا، أن دور الطاقات النظيفة هو أبعد بكثير من توليد الكهرباء الأوروبية فقط. فقد ازداد دور الطاقة الشمسية والرياح نحو 10 في المائة عما كان عليه في عام 2019، هذا في الوقت الذي انخفض فيه إنتاج الفحم الحجري 20 في المائة في عام 2019 عما كان عليه قبل خمس سنوات. وقد انخفض أيضًا استهلاك الغاز نحو 4 في المائة. لكن، يبقى معدل الغاز يشكل 12 في المائة أعلى من متوسط معدله للسنوات العشر الماضية.
من الواضح، أن هناك عملا دؤوبا عالميا للتسريع بما أصبح يعرف بمرحلة انتقال الطاقة من عصر إلى آخر. فبحسب «إينرجي إنتجلنس ريسيرش آند أدفيسوري» هناك على الأقل 26 شركة عالمية كبرى تعمل حاليًا لتخفيض الانبعاثات الكربونية، وقد تم الاتفاق أو الإعلان في أوروبا عن مشاريع لهذا الغرض خلال عام 2020 بقيمة 24 مليار دولار، حيث بادرت الشركات الأوروبية بقيادة هذه الحملة، وذلك من خلال إعطاء الأولوية لتخفيض الانبعاثات في مجال توليد الكهرباء.
وهناك اهتمام واسع في مجالات عدة لمصادر الطاقة المستدامة: الاستثمار بتجميع وتخزين الكربون تحت الأرض، تطوير تقنية الهيدروجين، بالإضافة إلى استعمال طاقة الرياح، التي تحتل المنزلة الأولى وتليها الطاقة الشمسية.
أعطت الشركات الأولوية في استثماراتها الجديدة لتقليص الانبعاثات. وبالفعل، ازدادت قيمة هذه الاستثمارات في أوروبا من 7 مليارات دولار في 2019 لترتفع إلى ما يزيد على 20 مليار دولار في 2020. وبالفعل نجد الآن العديد من أسواق الأسهم والشركات تعطي أهمية كبرى عند الاستثمار في المشاريع الجديدة لتقليص الانبعاثات؛ ومن ثم الاعتماد على الطاقات النظيفة.
- كاتب عراقي مختص في شؤون الطاقة