مالك القعقور
TT

«تلفن عيّاش» بمليار دولار!

عاد «عيّاش» واتصالاته إلى ألسنة اللبنانيين من باب المحكمة الخاصة بلبنان الناظرة في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، بعدما أصدرت أمس (الثلاثاء) حكماً أدانت فيه شخصاً واحداً اسمه سليم عيّاش، وصف بأنه «قيادي» في «حزب الله»، استناداً إلى داتا الاتصالات التي أجراها لتنفيذ العملية، مع ثلاثة من رفاقه المنتمين إلى تنظيمه، لم تدنهم المحكمة لـ«عدم كفاية الأدلة».
وارتباط اللبنانيين باسم «عيّاش» وثيق، وهو حاضر منذ أكثر من 20 عاماً على ألسنتهم، وكذلك على ألسنة العرب من محبي أغنية «تلفن عيّاش». كلمات الأغنية بسيطة وسهلة بلحن جميل، تصف رجلاً اسمه «عيّاش» مدّعياً وكاذباً ومتهرباً ويشبه بشكل عام معظم أصحاب الحرف اللبنانيين الذين يطلقون وعوداً ولا يلتزمون بها، وصنعاتهم يعتريها خلل، ويدافعون عنه كذباً بأن «كل شي تمام».
ومن سوء طالع الأغنية أن إطلاقها في العام 2000، تزامن مع اغتيال إسرائيل لـ«المهندس» يحيى عيّاش، أحد أبرز رجال المقاومة الفلسطينية، الذي طاردته أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية وعملائها 6 سنوات حتى تمكنوا منه باتصال هاتفي عبر جهاز خلوي ملغوم ببضعة غرامات من مادة شديدة الانفجار، أعدّه واحد من أبرز خبراء التكنولوجيا الإسرائيليين.
حينها لم يعد من اللائق أن تذاع الأغنية وتردد على الألسنة لأن يحيى عياش اغتيل بالتليفون، وأصبح ترديد «تلفن عياش» نوعاً من الشماتة والتشفي بخسارة المقاومة أمام اسرائيل، فيما كان اللبنانيون حينها مأخوذين بتيار المقاومة، مع حبّهم الأبدي للقضية الفلسطينية التي لا قضية سواها في المنطقة، وما عدا ذلك هو صراع مصالح بامتياز.
وعلى هامش تلك القضية وباسمها، ارتكب «المقاومون» فظائع كثيرة بحق القضية وبحق أنفسهم وبحق شعوبهم. ومن هؤلاء سليم عياش الذي يعود مع اتصالاته «الأغلى في التاريخ» إلى الساحة اللبنانية، حاملاً صفة «المقاوم» الذي كبّد أبناء وطنه عشرات الشهداء أبرزهم رفيق الحريري الذي يصعب أن يحظى لبنان مجدداً بمثيل له بطموحه وثروته وعلاقاته الدولية، وخسائر مادية كثيرة جداً لم تزل مستمرة منذ لحظة التفجير، إضافة إلى أكثر من مليار دولار سدّدها لبنان الغارق في ديونه، وفق تقارير إعلامية، للمحكمة الدولية التي خرجت على الشعب اللبناني بعد 15 سنة من الأزمات والتحقيقات والسجالات والاتهامات والأسئلة التي لم تزل تنتظر أجوبة، لتقول لهم: «تلفن عيّاش»!