علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

كان يحدث

المنشآت مثلها مثل البشر تحيا وتموت وتمرض وتتعافى، والمنشآت الخاصة الناجحة تمثل رافداً للاقتصاد وموظفاً للبشر، ولكن الكيانات المتعثرة تخلف وراءها العديد من المشكلات أهمها مشكلة العاملين في المؤسسة.
وكان التعثر يسبب مشكلة للعاملين فيها الذين لا يتسلمون مرتباتهم نتيجة تعثر المؤسسة أو الشركة، وتمثل صداعاً مزمناً للجهات الحكومية التي تتصدى لحل مشكلة الموظفين، فتضع الجهات الحكومية يدها على الشركة المتعثرة وتبدأ بتصفيتها، وتعطي الأولوية لرواتب الموظفين، وتحاول الجهات المختصة إعطاء الموظفين كامل حقوقهم.
وتتيح لهم البحث عن فرصة عمل لدى شركة أخرى ومن يجد فرصة عمل تقوم الجهات الحكومية بتسوية وضعه الجديد دون الرجوع لمالك الشركة المتعثرة.
ورغم الجهد الذي تبذله الجهات الحكومية فإن «الشق أكبر من الرقعة»، كما يقول المثل، فيتبقى بعض المستحقات مثل مكافأة نهاية الخدمة، وتعويض الإجازات، وتذاكر السفر لغير السعوديين.
مثل هذا الوضع يؤرق الجهات الحكومية ربما أكثر من تأريقه لصاحب الشركة. وتعثر الشركة وعجزها عن سداد رواتب الموظفين خطير جداً وقد يسبب تفكك عائلة نتيجة عجز عائلها عن الإنفاق عليها أو قد يدفع بالبعض للسرقة أو الاتجار بالمخدرات مما يخلف وراءه أضراراً اجتماعية يصعب حصرها، وكذلك يخلف أضراراً اقتصادية بالغة الخطورة، فالموظف بدلاً من أن يكون داعماً للسيولة في السوق عبر إنفاق جزء من مرتبه يصبح عالة على السوق.
في الأسبوع الماضي وافق مجلس الوزراء السعودي على تأمين من نوع خاص، وهو تأمين يحمي الشركة المتعثرة. ووفق ما ذكره وزير الموارد البشرية والتنمية معالي المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، ومعالم هذا التأمين لم تتضح بعد، وشكلت لجنة لوضع أطر هذا النظام التأميني، ولكن من الواضح أنه يستهدف بالدرجة الأولى حماية العاملين في الشركة من غير السعوديين في حالة التعثر، بحكم أن السعوديين مشمولون بنظام التأمينات الاجتماعية.
لكن هل سيحمي نظام التأمين الدائنين أم أن ذلك سيرفع التكلفة التأمينية وأقصد بذلك قسط التأمين.
وفي رأيي المتواضع أن اللجنة المكلفة بدراسة الموضوع يجب عليها أن تدرس الموضوع بعناية فائقة وألا تبالغ في مقدار القسط حتى لا ترتفع تكلفة منتج هذه الشركة سواء كان سلعة أم خدمة، ففي النهاية من سيدفع تكلفة التأمين هو المستهلك النهائي للسلعة أو الخدمة، إذ إن صاحب الشركة سيضيف هذه التكلفة على المنتج.
ومثل هذا القرار جيد ويحمي العاملين من التشرد، ولكن أغلب شركات العالم العربي للأسف ليست قوية بما يكفي لتتحمل مثل هذا القسط التأميني، ثم كيف سيتم تطبيقه، هل سيطبق أولاً على الشركات الكبرى؟ وهل ستعفى الشركات الصغيرة جداً؟ كل هذه الأسئلة ستجيب عليها اللجنة المكلفة بوضع ضوابط التأمين فور الانتهاء من دراستها. وأنا على يقين من أن مثل هذا التأمين سيخلق أماناً وظيفياً للموظف وسيريح الجهات الحكومية من الصداع الذي كانت تواجهه سابقاً.