جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

خفف تكنولوجيا يا فندق!

في مرة من المرات سافرت الى دولة الامارات برفقة مجموعة من الصحافيين العرب والأجانب لاختبار الإقامة في فندق جديد احتفل بافتتاح أبوابه قبل أيام من الرحلة، وكان من بين المجموعة صحافي مخضرم، يتمتع بواحدة من أظرف الشخصيات التي يمكن أن تلتقي بها في حياتك، وصلنا في قت متأخر من الليل، ولم نلتق إلا في صباح اليوم التالي، التقينا على الفطور الذي لا تستطيع أن تفوته في فنادق دبي الكبرى، الأكل كان أكثر من رائع، ولكن ملامح وجه ذلك الصحافي العزيز لم تكن توازي روعة الأكل وبدا مرهقا، فظننت بأنه مجهد من السفر ويعاني من الـ"جيت لاغ " فكان جوابه :" لا يا ستي، أنا تعبان من قلة النوم، لأني لم أعرف أين مفتاح الإنارة في الغرفة" فراح الجميع يضحكون ويقهقهون، وبدأ كل منهم يروي لنا قصته في أول ليلة قضاها في ذلك الفندق العصري، وإذا صح التعبير العصري جدا، فبعضهم لم يجد مفتاح الانارة لإشعال النور مما اضطرهم الى ترك باب الغرفة مفتوحا لرصد موقع السرير، والبعض الآخر لم ينعم بحمام ساخن جيد لأنه لم يعرف كيف يشغل حنفية الماء الساخن، وانتهى به المطاف تحت شلال من الماء البارد، وبعضهم عرف كيف يشغل النور، ولكنه لم يعرف كيف يغلق الستائر..
السؤال هنا، لماذا تسعى الفنادق الحديثة الجديدة العصرية الى تعقيد حياة الضيوف؟ في بعض الأحيان ينزل الضيف في الفندق ليلة أو ليلتين، ومن شدة تعقيدات التكنولوجيا في الغرف يصعب عليه تشغيل أي من الميزات التي يقدمها الفندق، ولا يتسنى له معرفة نصفها ليبدأ بالتمتع باستعمالها، حتى يجد نفسه على وشك حزم الحقائب وترك الغرفة.
وفي بعض الفنادق الكبرى، تتبع الادارة أسلوب تدريب النزلاء على تكنولوجيا الغرف من خلال عامل في الفندق يقوم بشرح مفصل، في الكثير من الاحيان لا يكون لدى الضيف وضوح ذهني جيد لتلقي كم هائل من المعلومات عند وصوله الى الغرفة بعد رحلة طويلة، فيشعر وكأنه يخضع لحصة في التكنولوجيا وبحاجة لورقة وقلم لكتابة تلك المعلومات التي تبدو بأنها كثيرة ومعقدة، كيف لا، ويشرح لك الموظف عن لوح تشغيل التلفزيون وعملية اختيار القنوات وكيفية إغلاق الستائر عن بعد، وكيفية تشغيل المكيف وتغيير الحرارة، واستعمال الحمام والدش.. وأشياء كثيرة.. نعم تذكرت، الشرح عن اللائحة الكاملة بمختلف أنواع الوسائد التي يقدمها الفندق لتتناسب مع طريقة نوم الزائر، وأيضا تأتي تلك الوسائد بروائح عديدة ومتنوعة...
التكنولوجيا مهمة في حياتنا وحتى في إقامتنا الفندقية، ولكن لا يجوز أن تكون أذكى منا، لتتحول الى كابوس يجعلنا نكره اقامتنا، وسنحتاج الى الاتصال بموظف الاستعلامات في كل مرة أردنا فيها استعمال أي شيء في الغرفة، ليصبح جميع الموظفين على دراية بأن الضيف على وشك النوم أو في طريقه للاستحمام.
فعزيزي الفندق خفف من التكنولوجيا، فنحن لا نريد سوى خدمة مميزة وسريرا وثيرا ووسادة ناعمة ونظيفة وغرفة مريحة وحنفية بعلامة أحمر وأزرق تعمل بمجرد قلبها من اليمين الى اليسار والعكس.