آرون براون
TT

الاقتصاد الأميركي ومجد ما بعد الحرب العالمية الثانية

أنفقت الحكومة الأميركية 2.6 تريليون دولار لدعم الاقتصاد في ظل انتشار جائحة فيروس «كورونا»، وقام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بمطابقة هذا المبلغ في شراء الأصول.
لم ننته بعد من محاربة فيروس «كورونا»، لذا قد تكون حماية الاقتصاد عام 2020 أغلى شيء حاولت الولايات المتحدة القيام به على الإطلاق. لذلك ضع في اعتبارك أن الولايات المتحدة أنفقت بسعر اليوم حوالي 4 تريليونات دولار لخوض الحرب العالمية الثانية. والخبر السار هو أن الآثار الاقتصادية من المرجح أن تكون متشابهة.
بشكل عام، أعارض التحفيز لأنه من المفترض أن ينفق لمساعدة المحتاجين، لكن التعويض السخي من شأنه أن يضعف المؤشرات الاقتصادية التي تشير إلى الانتعاش. فالمال يذهب إلى المقربين وإلى الشركات الفاشلة، مما يعيق الابتكار اللازم للنمو.
يجب أن توفر إعانات البطالة وسادة للناس يتكئون عليها، لكنها يجب ألا تثنيهم عن البحث عن مهارات جديدة أو التكيف مع مكان العمل المتغير، وإلا ستزداد الأوجاع الاقتصادية.
لكن لأن الفيروس مختلف تماماً، فإننا لا نريد أن يتدرب العمال أو يتنقلوا من مكان لآخر، ولا نريدهم أن يندفعوا لبدء أعمال تجارية جديدة أو حتى إيجاد عمل متاح. نريدهم فقط أن يبقوا في منازلهم، ويحافظوا على صحتهم، ولا ينقلوا العدوى لأحد وأن يكونوا مستعدين لاستئناف عملهم عندما تتحسن الظروف. لا نريد أن تقوم الشركات بالتصفية فقط لأن عملها ليس على ما يرام في ظل الإغلاق العام.
ومع ذلك، علينا أن نسأل أنفسنا كيف ستظهر بعد ذلك كل هذه الأموال الإضافية التي يتم ضخها في الاقتصاد والنظام المالي؟ سيعود جزء منها إلى الحكومة بشكل طبيعي، وسيتم سداد القروض، وستنتهي الضمانات غير المستخدمة، ويمكن إعادة بيع السندات والأصول الأخرى التي اشتراها «بنك الاحتياطي الفيدرالي» أو السماح لها بالنمو. لكن هذا لا يزال يترك المجال لخلق تريليونات الدولارات من الأموال الإضافية.
إذا كنت متفائلاً، فأنت تأمل أن يحتفظ الأشخاص والشركات بالمزيد من الأموال طواعية. ففي حين أن الاقتصاد الكلي سيستغرق على الأرجح وقتاً للتعافي والوصول إلى مستويات إنتاج ما قبل الفيروس، فإن أجزاء كثيرة منه ستشهد طلباً مكبوتاً وإعادة هيكلة للاستثمار، وستكون هناك حاجة إلى المال لدعم هذا النشاط. علاوة على ذلك، قد يؤدي الخوف إلى رغبة الجميع في الاحتفاظ بأرصدة نقدية عالية. ويمكن استخدام النقد أيضاً في سداد الديون الخاصة. ويمكننا أن نصل في النهاية إلى اقتصاد نابض بالحياة. قد يكون أقل قوة، لكنه مشحون بالكثير من السيولة.
إذا كنت متشائماً، فلا بد أنك تخشى من أن ضعف الاقتصاد يعني انخفاض الطلب على النقد، وأن توقع عمليات الإنقاذ الحكومية سيقتل الحافز للاحتفاظ بالنقود في حالات الطوارئ. إن الدين الحكومي الإضافي والميزانية العمومية المتضخمة للاحتياطي الفيدرالي كلاهما سيقوضان الثقة بالدولار.
من المرجح أن يفكر المتفائلون في التحفيز والتسهيل الكمي استجابة للأزمة المالية لعام 2008، فقد كنت من بين الذين حذروا من مخاطر التضخم الأسرع لأسعار المستهلك، لكن ذلك لم يحدث.
ربما ضخم التحفيز من أسعار الأصول، لكن لم تكن هناك فقاعات ولا انهيارات مدمرة. فقد ظل اليقين من الائتمان الحكومي الأميركي والدولار والنظام المصرفي قوياً.
سينظر المتشائمون إلى الوراء، إلى السبعينيات، عندما تسبب الإنفاق غير المنضبط والسياسة النقدية في بؤس اقتصادي على مدار عقد كامل. كان الركود التضخمي - مزيجاً غير مسبوق من البطالة المرتفعة والتضخم المرتفع - وهو نفسه واقع اليوم.
لا أعتقد أن أياً من الفترتين مرتبطان بعام 2020، وأتطلع إلى عواقب الحرب العالمية الثانية. شأن الجنود الذين خاضوا الحرب، فقد أدى الإغلاق إلى إخراج العمال من الاقتصاد الخاص، مع الاستمرار في دفع أجورهم. في كلا العصرين، يجري إنتاج كميات أقل من السلع والخدمات المدنية، ولكن تتم زيادة إيرادات الأعمال من خلال الإنفاق الحكومي. وتعمل قواعد الإغلاق مثل التقنيين في زمن الحرب للحد من استهلاك المدنيين، وتتحمل الحكومة المزيد من الديون، وتتوسع ميزانيات البنوك المركزية.
عندما تنتهي الحرب، يحصل المدنيون على المال، لكن يظل النقص في السلع والخدمات. يمكن أن يؤدي ذلك إلى الركود والتضخم إذا لم يتمكن الاقتصاد من استيعاب الجنود العائدين وتحويل زمن الحرب إلى إنتاج في وقت السلم.
لكن الولايات المتحدة كانت على ما يرام بعد الحرب العالمية الثانية. كان هناك تضخم بسبب إزالة الرقابة على الأجور والأسعار، لكنها لم تكن مكتفية ذاتياً. لم يدفع الخوف من التضخم الناس للإنفاق بسرعة قبل أن تفقد الأموال قيمتها وتبني توقعات التضخم في القروض والعقود الأخرى. لقد نما الاقتصاد بقوة طيلة 8 سنوات، بخلاف الركود المعتدل في عام 1949، ولم تتضخم أسعار الأصول.
من الواضح أن عام 2020 لا يتطابق مع عام 1945، لكنني أعتقد أن المرونة الاقتصادية ستكون متشابهة. ولا أعتقد أن الاقتصاد قد عانى من ضرر دائم، وأرى أن الجهد المبذول للتعويض عن الإنتاج الضائع لن يواجه قيوداً كبيرة في القدرات التي يمكن أن يتسبب فيها التضخم أو البطالة. لا أتوقع حدوث أزمة ديون أو دولار مع تراجع الفيروس، ولن ترتفع أسعار الأصول الحقيقية.
ومع ذلك، سيكون لدينا جميع مشاكل الاستدامة المالية طويلة الأجل في عام 2021 التي واجهناها في عام 2019، بالإضافة إلى الكثير من الديون الحكومية. لن يكون التحفيز الفيروسي هو الدافع الذي يفرض الحساب على المستوى الفيدرالي (من المحتمل أن يؤدي إلى إسقاط بعض حكومات الولايات والحكومات المحلية)، ولكنه سيجعل التعديلات المستقبلية الضرورية أكبر وأكثر إيلاماً. سيقدم حافز 2020 المزيد لمساعدة المحتاجين أكثر مما يقدم بعمليات الإنقاذ الحكومية والهبات السابقة. ولكن سيكون لذلك تكلفته الحقيقية.

- بالاتفاق مع «بلومبرغ»